والعلماء.
وزيارة القبور والإهتمام بتشييدها
وتزيينها يستند إلى الروايات المتواترة والمعتبرة ، وقد أجمع الفقهاء من مختلف المذاهب على ذلك ، ولم يشذ عن هذا الإجماع إلّا فئة قليلة لا يعتدّ بقولها ، وقد دلّ العقل السليم على حسن هذه
الظاهرة الفطرية.
وعلى الرغم من تواتر الأدلّة والشواهد
والسيرة النبوية وسيرة الفقهاء في الحثّ على زيارة القبور إلّا أنّ البعض خالف جميع ذلك ومنع من زيارة القبور وتبنّاها عقيدةً وسلوكاً ، وحكم عليها بالكفر ، بل أهدر دم من يؤمن بها ويعمل على ضوئها ، وهذا التكفير لا مستند له ، وهو مخالف لثوابت الشريعة الإسلامية ومخالف للعقل السليم ، وأمّا هدر الدم فهو جريمة بحق الإسلام والإنسانية ، وقد أكّد
الإسلام على حرمة دم المسلم ، وتبنّى مفهوم الاحتياط بالدماء في جميع الظروف والأحوال.
إنّ هؤلاء الذين يحكمون بكفر من تبنّى
زيارة القبور وإهدار دمه ، بحاجة إلى مراجعة النفس ومراجعة الفتاوى والأحكام ، فالإسلام أمرهم بإقامة الدليل والبرهان ، وحثّهم على الاستدلال الصحيح ، وأمرهم بالأخذ بالمنهج السليم في الفتوى والحكم ، وحرّم عليهم الادّعاء بلا بيّنة.
إنّ من دواعي كتابة هذا الكتاب هو الردّ
على متبنيات التكفييرين وإقناعهم بالعدول عن آرائهم الشاذّة ، ودعوتهم للعودة إلى المنهج السليم في إصدار الفتاوى والأحكام لأنّها لم تحقق أيّ إنجاز في خدمة العقيدة والشريعة ، بل خلقت أجواءً من الفتن والأزمات الإجتماعية والسياسية ، ولم تستطع التأثير على مسيرة المسلمين ، فهم لا زالوا متمسكين بهذه النزعة الفطرية المشروعة ، ولم تزدهم إلّا
بعداً عن هذه الفئات الضالّة ، والتي هي مكلّفة بالرجوع إلى الموازين الثابتة والتخلّي
عن الإدّعاءات بدون دليل ، ومكلّفة بالرجوع إلى الروايات الصحيحة المتواترة ، وإلى سيرة الصالحين.