مدح إسماعيل بن يسار النّسائيّ رجلا من أهل المدينة يقال له عبد الله بن أنس ، وكان قد اتّصل ببني مروان وأصاب منهم خيرا ، وكان إسماعيل صديقا له ؛ فرحل إلى دمشق إليه ، فأنشده مديحا له ومتّ إليه بالجوار والصداقة ؛ فلم يعطه شيئا. فقال يهجوه :
لعمرك ما إلى حسن رحلنا |
|
ولا زرنا حسينا يا ابن أنس (١) |
ولا عبدا لعبدهما فنحظى |
|
بحسن الحظّ منهم غير بخس |
ولكن ضبّ (٢) جندلة (٣) أتينا |
|
مضبّا في مكامنه يفسّي |
فلمّا أنّ أتيناه وقلنا |
|
بحاجتنا تلوّن لون ورس (٤) |
وأعرض غير منبلج لعرف |
|
وظلّ مقرطبا (٥) ضرسا بضرس |
فقلت لأهله أبه كزاز (٦) |
|
وقلت لصاحبي أتراه يمسي |
فكان الغنم أن قمنا جميعا |
|
مخافة أن نزنّ بقتل نفس |
حدّثني عمّي قال : حدّثنا أحمد بن زهير قال : حدّثنا مصعب بن عبد الله قال :
وفد عروة بن الزّبير إلى الوليد بن عبد الملك وأخرج معه إسماعيل بن يسار النّسائي ، فمات في تلك الوفادة محمد بن عروة بن الزّبير (٧) ، وكان مطّلعا على دوابّ الوليد بن عبد الملك ، فسقط من فوق السطح بينها ، فجعلت ترمحه (٨) حتى قطّعته ، كان جميل الوجه جوادا. فقال إسماعيل بن يسار يرثيه (٩) :
صلّى الإله على فتى (١٠) فارقته |
|
بالشام في جدث الطّويّ (١١) الملحد |
__________________
(١) يعني الحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب رضياللهعنهم.
(٢) الضب حيوان من جنس الزواحف من رتبة العظاء ، غليظ الجسم خشنه. وله ذنب عريض حرش أعقد ، تصدر عنه رائحة كريهة.
(٣) الجندلة ج الجندل وهي الحجارة.
(٤) الورس : نبت من الفصيلة البقلية ، أصفر اللون يتخذ منه طلاء للوجه ، وقد نستعمله لتلوين الملابس الحرير.
(٥) مقرطبا أي غاضبا.
(٦) الكزاز : تشنج أو رعدة تصيب الإنسان من برد شديد.
(٧) انظر ترجمته في الوافي بالوفيات ٤ / ٩٤.
(٨) ترمحه أي ترفسه.
(٩) الأبيات في التعازي والمراثي للمبرد ص ١٩٢.
(١٠) في التعازي والمرائي : امرئ.
(١١) الطوي : يقال طوى البئر وغيرها بالحجارة بناها ، وهنا بمعنى القبر المعرش بالحجارة.
وعجزه في التعازي والمراثي : بالشام في حدّ الضريح الملحد