فقال زبّان : لا شيء وأبيهم إلّا اللّحز (١) وقلّة المعرفة وضيق العطن (٢).
قال عمر بن شبّة : حدّثني إسحاق الموصليّ قال :
غنّي الوليد بن يزيد في شعر لإسماعيل بن يسار ، وهو :
حتّى إذا الصبح بدا ضوأه |
|
وغارت الجوزاء والمرزم (٣) |
خرجت والوطء خفيّ كما |
|
ينساب من مكمنه الأرقم (٤) |
فقال : من يقول هذا؟ قالوا : رجل من أهل الحجاز يقال له إسماعيل بن يسار النّسائي ؛ فكتب في إشخاصه إليه. فلمّا دخل عليه استنشده القصيدة التي هذان البيتان منها : فأنشده :
كلثم أنت الهمّ يا كلثم |
|
وأنتم دائي الذي أكتم |
أكاتم الناس هوى شفّني |
|
وبعض كتمان الهوى أحرم |
قد لمتني ظلما بلا ظنّة (٥) |
|
وأنت فيما بيننا ألوم |
أبدي الذي تخفينه ظاهرا |
|
ارتدّ عنه فيك أو أقدم |
إمّا بيأس منك أو مطمع |
|
يسدى بحسن الودّ أو يلحم |
لا تتركيني هكذا ميّتا |
|
لا أمنح الودّ ولا أصرم (٦) |
أوفي بما قلت ولا تندمي |
|
إنّ الوفيّ القول لا يندم |
آية ما جئت على رقبة |
|
بعد الكرى والحيّ قد نوّموا |
أخافت المشي حذار العدا |
|
والليل داج حالك مظلم |
ودون ما حاولت إذ زرتكم |
|
أخوك والخال معا والعم |
__________________
(١) اللحز محركة ، الشح والبخل.
(٢) ضيق العطن : كناية عن الحمق وضيق الصدر.
(٣) المرزم : كمنبر. يقال رزم الشتاء رزمة شديدة أي برد فهو رازم ، وبه سمي نوء المرزم ، لشدة برده.
والمرزمان نجمان مع الشعريين ، وهما من نجوم المطر ، وقد يفرد فيقال مرزم. (تاج العروس : رزم).
(٤) الأرقم : أخبث الحيات وأطلبها للناس. أو هو ما فيه سواد وبياض ، أو ذكر الحيات ، ولا يقال في الأنثى رقماء ولكن رقشاء ، والجمع أراقم (تاج العروس : رقم).
(٥) الظنة بالكسر التهمة ، ج الظنن (تاج العروس).
(٦) صرمه يصرمه صرما : قطعه بائنا (تاج العروس : صرم).