قال أبو هفان (١) :
لما قال مروان بن أبي الجنوب (٢) في ابن أبي دؤاد :
رسول الله والخلفاء منّا |
|
ومنا أحمد بن أبي دؤاد |
قلت : أنقض عليه :
فقل للفاخرين على نزار |
|
وهم في الأرض سادات العباد |
رسول الله والخلفاء منا |
|
ونبرأ من دعيّ بني إياد |
وما منا إياد إذ أقرّت |
|
بدعوة أحمد بن أبي دواد |
فقال (٣) ابن أبي دؤاد : ما بلغ مني أحد ما بلغ هذا الغلام المهزميّ ، لو لا أني أكره أن أنبّه عليه لعاقبته عقابا لم يعاقب أحد مثله ، جاء إلى منقبة كانت لي فنقضها ، عروة بعروة.
قال يعقوب بن أبي إسحاق الصائغ :
لما وجّه المأمون بأبي إسحاق المعتصم إلى مصر وعقد له من باب الأنبار (٤) إلى أقصى الغرب قال ليحيى بن أكثم (٥) : ينبغي أن ترتاد لي رجلا لبيبا ، له علم وأمانة ، أنفذه مع أبي إسحاق ، وأولّيه المظالم في أعماله ، وأتقدم إليه سرّا بمكاتبتي سرّا بأخباره وما يجري عليه أموره ، وبما يظهر ويبطن ، وما يرى من أمور قواده وخاصّته ، وكيف تدبيره في الأموال وغيرها ، فإنّي لست أثق بأحد ممن يتولّى البريد ، وما أحب أن أجشمه بتقليد صاحب البريد عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، عندي رجل من أصحابه أثق بعقله ورأيه وصدقه ، فقال : جئني به في يوم كذا.
فصار يحيى بأحمد بن أبي دؤاد إلى المأمون فكلّمه فوجده فهما راجحا فقال له : أريد إنفاذك مع أخي أبي إسحاق وأريد أن تكتب بأخباره سرّا وتفتقد أحواله وأموره وتدبيره وخبر خاصته وخلواته ، وتنفذ كتبك بذلك إلى يحيى بن أكثم مع ثقاتك ، فقال له أحمد : أبلغ لك
__________________
(١) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ٤ / ١٤٣ ووفيات الأعيان ١ / ٨٦ ـ ٨٧.
(٢) مروان بن أبي الجنوب هو مروان الأصغر بن يحيى بن مروان بن أبي حفصة. انظر معجم الشعراء للمرزباني ص ٣٩٩.
(٣) في مختصر ابن منظور : وقال ، والمثبت عن تاريخ بغداد ووفيات الأعيان.
(٤) الأنبار : مدينة على الفرات في غربي بغداد بينهما عشرة فراسخ (معجم البلدان).
(٥) تقدمت ترجمته.