عروض ما يزعزع إيمانها ، والاعتقاد بوجوب وجوده مما تدعو إليه العقول ، وتحتم به الآثار البينات ، المالئة الأرضين والسماوات ، وتقضي به وحدة الخلق ووحدة الاجناس وما لا يحصى من عجائب الخلق الإلهي.
كثرت بيوت العبادة إثر الاعتقاد بوجود خالق يهرع إليها المتعبدون فرادى ومجتمعين خاشعين لتلك العظمة المهيمنة على النفوس ، فالمعابد أوجدها الإنسان يوم ولى وجهه شطر عبادة الديان ، يتساوى بذلك همجيه ومدنيه ، جاهله وعالمه ، سواء في ذلك سكان الأكواخ والخيام ، ومترفوا الآجام والآكام ، وإن تفرقوا في تشخيص ذات المعبود ، وتكييف طرق عبادته واختلفوا في تكييفه اختلافهم في العلوم والفهوم ، فمنهم من كيفه بصورة الماديات فعبد بعبادته الشمس والقمر والحجر والمدر وما إلى ذلك ، فابتدعوا له صورا من تلك الآثار بنوا لها الهياكل وتفننوا بما بلغته أوهامهم وأحلامهم.
ومنهم من نظر إليه نظرا مجردا عن المادة فتعاصى عليه تحديده وإدراكه فنصبوا له التماثيل ليألهوا المجرد عن المادة بمظاهر المادة التي ألفوها وأحسوها فعبدوا غير المدرك بالحس وبالمحس ، ومنهم من جعله كثرة ونفى عنها الوحدة.
ومنهم من عبد إلها واحدا أحدا سرمدا غير محدود ولا مكيف بكيفية ولا مدرك بالابصار ولا بالبصائر.
ولكنهم اتفقوا جميعا على اتخاذ المعابد حسب ما ينطبق على عقيدتهم.
والمعابد كما اتخذت لأصحاب الديانات المنتحلة التي لا ترجع إلى وحي إلهي وتعليم نبوي اتخذت لمن استمدوا دينهم وعبادتهم من منابع الوحي والنبوة.