حدودها (١) ، وأبو الفداء في تقويمه (٢) حددها فقال : «إن جبل عاملة من الأماكن المشهورة ، وهو ممتد في شرقي الساحل وجنوبيه حتى يقرب من صور إلى أن قال : «وكانت رعاياه في حكم الافرنج ، وفي شرقيه وجنوبيه جبل عوف (عجلون)».
ضيق دائرته بعضهم حتى حصرها في القسم الجنوبي وهو المسمى ببلاد بشارة. ووسعه آخرون حتى ألحقوا به قسما كبيرا من لبنان الجنوبي. وجملة القول أن الأقاويل في تحديده مضطربة ، وأقربها إلى العرف والمعقول ما صدرنا به فقال (قلعة الشقيف) (٣) في المجلد السادس من العرفان.
قلنا إن جبل عامل لم يكن معروفا على أنه عمل مستقل إلا في القرون الأخيرة. ونقول الآن أن عمله المستقل كان على مثال الأعمال الإقطاعية ، التي قضت سياسة الغالب تجزئة بلاد الشام إليها.
وفيها تركتها ميدانا للتنازع بين حكام الاقطاعات المتجاورين ، وبابا للتفريق بين ملتمسي الإمرة من كل مقاطعة ، وكيف كان فقد قام في جبل عامل حكم إقطاعي موزع على رؤوساء أسره المعروفة ، امتد زهاء قرنين أو أكثر ، كانت الحرب فيها بين العامليين ومجاوريهم سجالا ، وقد امتنعوا بمنعة قلاعهم الكثيرة ، وحصونهم التي رمموها أو شيدوها ، وببسالة أبطالهم
__________________
(١) ياقوت : معجم البلدان. دار صادر بيروت ١٩٧٩ ، ٢ : ١٤ : «تبنين بلدة في جبال عاملة المطلة على بلد بانياس بين دمشق وصور» و ٥ : ٤٢٠ «وهو نين بلد في جبل عامل مطل على نواحي مصر».
(٢) أبو الفداء : تقويم البلدان. بعناية رينو ودسلان ـ باريز ١٨٤٨ ، ص ٢٦٠.
(٣) «من الجانب القبلي للنهر المسمى نهر القرن الجاري شمالي طرشيحا إلى البحر جنوب قرية الزيب (الزيب) ، بالقرب من عكا ، وشمالا النهر المسمى بالأولي الذي يصب في البحر المتوسط شمالي مدينة صيداء ، ومن الغرب البحر ، ومن الشرق طرف الأردن والخيط والحولة إلى نهر الغجر ووادي عوبا» شبيب باشا الأسعد : العقد المنضد ، ص ١٢٥ ، ولقد كانت قصبة جزين وملحقاتها وجبل الريحان حق مشغرة من أعمال البقاع تابعة جبل عامل.