وكانت في العصر الإقطاعي قاعدة حكام إقليم التفاح المنكريين (١) ، وأصابها من نكبات ذلك العهد ما أصاب غيرها من بلاد جبل عامل ، بل كانت تعاني من شدائدها أعظم مما يعانيه غيرها ، لوقوعها في أطراف لبنان الغربي ، محاطة شرقا وشمالا بأملاك الجنبلاطيين ومنطقة نفوذهم. ولأنها أقرب قواعد الحكام العامليين إلى قاعدة حكم الشوف ، الذين كانت الحرب سجالا بينهم وبين العامليين ، ورأى أنها ممر الجيوش الزاحفة إلى جبل عامل. ففي سنة ١١٦٣ ه / ١٧٥٠ م هاجمها الأمير ملحم بجموعه فالتقاه مشايخها المناكرة برجالهم فكان له الظفر بهم ، وقتل منهم ثلاثمائة رجل وفر الباقون إلى مزار هناك فتحصنوا به. فوجه إليهم الأمير كتيبة من جيشه بأمرة الأمير مراد اللمعي والشيخ ميلان الخازن ، فغاروا عليهم فظفروا بهم وأهلكوهم جميعا ، ثم شن الغارة على باقي تلك الديار ورجع إلى بلاده مؤيدا. روى هذه الحادثة الأمير حيدر (٢) والشدياق (٣) والمطران الدبس (٤) وروايتهم متقاربة واتفقوا على أن سببها هو تطاول المناكرة على بعض أقليم جزين وقتلهم رجلين من أصحاب الشيخ علي جنبلاط. وقال في دواني القطوف : «وأعادها (الأمير ملحم) ثالثة ولا سيما على بني منكر منهم (المتاولة) سنة ١٧٥٠ ، فواقعهم في جباع الحلاوة وأهلك منهم ثلاثمائة رجل وفر الباقون إلى مزار هناك وتحصنوا به فأرسل إليهم العسكر اللبناني بقيادة الأمير مراد اللمعي ، وكان معظمه من المعلوفيين فأفنوهم جميعا ورجعوا ظافرين» (٥) ، وأما رواتها من العامليين فقد رووها بما هذا ملخصه ،
__________________
(١) آل منكر ويعرفون بالمناكرة (آل جواد) اسبق زعماء عاملة شهرة. انظر الحديث عنهم في جبل عامل في التاريخ ص ٣٩٣ ـ ٣٩٥.
(٢) تاريخ الأمير حيدر ٢ : ٧٧٤ حوادث ١١٦٣ ه / ١٧٤٩ م.
(٣) أخبار الأعيان ٢ : ٣٢١.
(٤) تاريخ سورية م ٧ ج ٤ ص ٣٧٩.
(٥) عيسى اسكندر المعلوف ، دواني القطوف ص ٢٠٥.