لأنه (١) من الصيغ الجائزة فإذا تعقبه ما ينافيه أبطله ، لكونه رجوعا (٢) إذ لا يتم المقصود من عقد الرهن إلا بالرجوع. وقيل : لا يبطل به ، لأن الرهن لا يقتضي نقله عن ملك الراهن ، ويجوز فكه فلا يتحقق التنافي بمجرده ، بل بالتصرف. وحينئذ فيكون التدبير مراعى بفكه فيستقر ، أو يأخذه في الدين فيبطل ، واستحسنه في الدروس.
(ولا رهن الخمر والخنزير إذا كان الراهن مسلما (٣) ، أو المرتهن (٤) وإن وضعهما على يد ذمي ، لأن يد الودعي كيد المستودع ، خلافا للشيخ حيث أجازه كذلك (٥) ، محتجا بأن حق الوفاء إلى الذمي فيصح ، كما لو باعهما وأوفاه ثمنهما. والفرق واضح (٦) ، (ولا رهن الحر مطلقا (٧) من مسلم وكافر ، عند مسلم وكافر ،
______________________________________________________
يكون التدبير مراعي بفكه ، فإن فكه استقر التدبير ، وإلا فإذا أخذه المرتهن في الدين بطل الرهن.
(١) أي التدبير.
(٢) أي كون الرهن رجوعا عن التدبير.
(٣) لو رهن المسلم الخمر أو الخنزير أو نحوهما مما لا يملكه المسلم لا يصح ، بلا خلاف فيه ، ولو كان المرتهن ذميا ، لعدم ملكية الراهن لها ، وعدم سلطنته على بيعها ووفاء دينه منها كما هو واضح.
(٤) لو رهنها الذمي عند مسلم فلا يصح الرهن ، وإن وضعها على يد ذمي على المشهور شهرة عظيمة ، ولم يخالف إلا الشيخ في المبسوط والخلاف بدعوى أن الذمي يصح له رهن ما لا يملكه المسلم كما يصح له بيع ما لا يملكه المسلم ، فكما يجوز للذمي بيعه وإعطاء ثمنه للمسلم في وفاء الدين ، فكذلك يجوز له رهنه.
نعم بما أن المرتهن سيضع يده على الرهن والمرتهن هنا مسلم ولا يجوز له وضع يده على هذه الأعيان فيوضع الرهن عند ذمي حينئذ.
وهذه الدعوى مردودة لأن يد الذمي الودعي كيد المسلم المستودع ، وله تسلط على الرهن بالبيع والاستيفاء على وجه وهو هنا ممتنع.
(٥) بوضع الرهن على يد ذمي ، وكان الراهن ذميا.
(٦) ففي الرهن تسليط للمسلم على بيع الخمر أو الخنزير ونفس التسليط غير جائز ، ووضعهما عند ذمي لا يجدي لأن يد الودعي كيد المستودع ، بخلاف ما لو باع الذمي الخمر أو الخنزير وسلّط المسلم على ثمنهما إيفاء لدينه فهو تسليط المسلم على مال وهو جائز ، وبهذا بان الفرق.
(٧) مسلما كان أو كافرا من مسلم أو كافر عند مرتهن مسلم أو كافر ، لأن الحر لا يمكن