(ولو قال الراكب : أعرتنيها ، وقال المالك : آجرتكها حلف الراكب (١) ، لاتفاقهما على أن تلف المنافع وقع على ملك المستعير (٢) ، وإنما يختلفان في الأجرة ، والأصل براءة ذمته منها (٣).
(وقيل) : يحلف (المالك) (٤) ، لأن المنافع أموال كالأعيان فهي بالأصالة لمالك العين فادعاء الراكب ملكيتها بغير عوض على خلاف الأصل ، وأصالة براءة ذمته (٥) إنما تصح من خصوص ما ادعاه المالك (٦) ، لا من مطلق الحق (٧) بعد استيفائه منفعة ملك غيره.(وهو أقوى) ولكن لا يقبل قوله (٨) فيما يدعيه من الأجرة ، لأنه فيها مدع ، كما أن الراكب بالنسبة إلى العارية مدع ، بل يحلف (٩)
______________________________________________________
(١) فالقول قول الراكب مع يمينه كما عن الشيخ وابن زهرة وأول الشهيدين والأردبيلي ، لأن المالك مدع للأجرة والراكب ينكرها ، والأصل عدم اشتغال ذمة الراكب بالأجرة.
(٢) فالمالك يزعم أنه ملك المنافع بالإجارة ، والمستعير يزعم أنه ملكها بالإعارة.
(٣) أي والأصل براءة ذمة مدعي العارية من الأجرة.
(٤) على المشهور ، لأن المنافع مال للمالك كالعين فالأصل ملكية المالك للمنافع والراكب يدعي ملكيتها بغير عوض ، وهو على خلاف الأصل المتقدم ، فهو المدعي والمالك منكر فيقدم قول المالك مع يمينه.
وقول الراكب الموافق لأصالة عدم اشتغال ذمته بالأجرة لا يجعله منكرا مطلقا ، بل يجعله منكرا بالنسبة إلى القيمة التي يدعيها المالك فقط ، ولا يجعله منكرا مطلقا لأنه معترف باستيفاء منافع الغير.
وعليه فإذا حلف المالك سقطت دعوى الراكب بالإعارة وتثبت دعوى المالك بأنها مستأجرة ، ولكن لا تثبت أجرة المسمى من قبل المالك ، لأن المالك بخصوصها مدع والراكب ينفيها بدعواه العارية ، ولا يمكن الأخذ بقول الراكب فتنتفي أجرة المسمى وتثبت أجرة المثل.
(٥) أي ذمة الراكب.
(٦) من أجرة المسمى.
(٧) وأنه قد استوفى منافع الغير.
(٨) أي قول المالك في أجرة المسمى.
(٩) أي المالك ، والمعنى فيمين المالك لا تثبت إلا نفي العارية فقط ، أما مقدار الأجرة فهو شيء آخر لا يثبت بيمينه لأنه مدع به والآخر منكر ، غير أن هذا المنكر ـ وهو الراكب ـ