يبكيك ألنفسك تبكي أم لعمر ، أم لأهل دينك ، قلت : لكلّ أبكي ، قال : فابك لنفسك ولأهل دينك ، فأما عمر فلا تبك له ، فإنّ الله لم يكن ليجمع على عمر خوفين : خوف الدنيا وخوف الآخرة ، وقال : ما عجبت لهذا الراهب الذي تعبّد في صومعته ، وترك الدنيا كيف تركها ، ولكن عجب لمن أتته الدنيا منقادة حتى صارت في يده ثم خلا عنها.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (١) ، نا محمّد بن أبي زكير قال : قال ابن وهب : وسمعت مالكا يحدث : أن صالح بن علي حين قدم الشام سأل عن قبر عمر بن عبد العزيز ، فلم يجد أحدا يخبره حتى دلّ على راهب ، فأتى فسأل عنه. فقال : قبر الصّدّيق تريدون؟ هو في تلك المزرعة.
أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا أبو الغنائم بن أبي عثمان ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا حدّثني محمّد بن الحسين ، حدّثني عباس بن عصم (٢) قال : سمعت محمّد بن النّضر الحارثي يذكر.
أن مسلمة بن عبد الملك رأى عمر بن عبد العزيز بعد موته ، فقال : يا أمير المؤمنين ليت شعري إلى أيّ الحالات صرت بعد الموت؟ قال : يا مسلمة هذا أوان فراغي ، والله ما استرحت إلّا الآن ، قال : قلت : فأين أنت يا أمير المؤمنين؟ قال : أنا مع أئمة الهدى وجنّات عدن.
أخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا رشأ المقرئ ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن موسى ، نا محمّد بن الحارث ، نا المدائني قال : لما مات عمر بن عبد العزيز خرجت جارية وهي تقول :
ألا هلك الجود والقائل (٣) |
|
ومن كان يعتمد السائل |
ومن كان يطمع في ماله |
|
وعزّ العشيرة والقائل |
فقال القوم جميعا : صدقت والله لقد كان أفضل مما وصفت.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب أنا عبيد الله بن أحمد
__________________
(١) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١ / ٥٩٧.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : عباس بن عاصم.
(٣) في «ز» : والنائل.