قلت له تقدم حتى أبول ، وأبطأت عليه فتركني ومشى ، ثم آخر وآخر حتى قربت من حرّان وأنا وحدي ، فرأيت رجلا أسود (١) ، دميما ، حقيرا ، جالسا على الطريق فلما رآني بشّ بي وقال : إلى حرّان؟ قلت : نعم ، فمشينا ساعة ثم قلت له : تقدم حتى أبول ، وجلس ساعة ، فقلت له : تقدم فأنا ألحقك ، فطرح نفسه على الطريق فلحقته وقلت له : شغلت قلبي بجلوسك تنتظرني ، فما تطهّرت كما أريد ، فجلس وقال : تطهّر كيف شئت ، وأعطاني ما كان معه ، فقلت له تقدم ، وجلست وأبطأت ساعة كبيرة أختبره ، ثم انضجعت ، فرأى فقام وجاء إلى عندي ، وأخرج من وسطه زمارة ، وجلس عند رأسي ونفخ فيها فقلت : الحق المنزل ، فقال : قد مشينا ساعة ووجب حق بعضنا على بعض ليس نفترق ، وهو الذي بحذاك تراه ، فلم يزل معنا إلى دمشق ، وخرجنا إلى مصر وهو معنا ، وخرجنا إلى الحجاز وهو معنا ، أطيب الجماعة نفسا وأخفهم روحا ، وأكثرهم خدمة ، وأرفقهم بأصحابه.
٥٣٠٦ ـ عمر المغربي
قرأت بخط أبي عبد الله بن قبيس : مات عمر المغربي شيخ من أهل العلم والصلاح في شهر رمضان من سنة سبع وثمانين وأربعمائة.
__________________
(١) سقطت من الأصل ، وكتب على هامشه : «ود» والمثبت عن م و «ز».