لأعطيهم شيئا ليس لهم (١) ، وما كنت لآخذ منهم حقا هو لهم ، وإن ولي فيهم الله الذي يتولى الصالحين ، وإنّما هم أحد رجلين : رجل صالح ، أو رجل ترك أمر الله وضيّعه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين القطان ، أنا عبد الله ، نا يعقوب (٢) ، حدّثني محمّد بن رمح ، حدّثني الليث بن سعد أنه بلغه.
أن مسلمة بن عبد الملك لما رأى عمر بن عبد العزيز اشتدّ وجعه وظنّ أنه ميت قال : يا أمير المؤمنين ، إنّك قد تركت بنيك عالة لا شيء لهم ، ولا بدّ لهم مما لا بدّ لهم منه ، فلو أوصيت بهم إليّ وإلى ضربائي من قومك (٣) فكفوك مئونتهم.
فقال : أجلسوني ، فأجلسوه ، فقال : أما ما ذكرت من فاقة ولدي وحاجتهم فو الله ما منعتهم حقا هو لهم ، وما كنت لأعطيهم حقّ غيرهم ، وأما ما ذكرت من استحقاقك ونظرائك عليهم لتكفوني مئونتهم ، فإنّ خليفتي عليهم (الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ ، وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)(٤) ادعهم لي.
قال : فدعوتهم وهم اثنا عشر (٥) ، فاغرورقت عيناه ، فقال : بأي [حال](٦) تركتهم عالة ، وإنما هم أحد رجلين : إما رجل يتّقي الله ويراقبه فسيرزقه الله ، وإما رجل وقع في غير ذلك فلست أحبّ أن أكون قوّيته على خلاف أمر الله ، وقد تركتكم بخير ، لن تلقوا أحدا من المسلمين ولا أهل الذمة إلّا سيرى لكم حقا ، انصرفوا عصمكم الله وأحسن الخلافة عليكم.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو سعد الجنزرودي ، نا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن جعفر النجيرمي (٧) ، أنا أبو نعيم الجرجاني ، أنا أبو عتبة ، نا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن مطر قال :
قيل لعمر بن عبد العزيز : لو تحولت إلى المدينة فإذا حضرتك الوفاة دفنت مع
__________________
(١) بالأصل وم و «ز» : «له» والمثبت عن المصادر.
(٢) رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ١ / ٥٨٥ والبداية والنهاية ٩ / ٢١٤ وسيرة عمر لابن عبد الحكم ص ١٠١.
(٣) المعرفة والتاريخ : قومي.
(٤) سورة الأعراف ، الآية : ١٩٦.
(٥) بالأصل : اثني عشر ، والمثبت عن م ، و «ز» ، والمعرفة والتاريخ.
(٦) زيادة عن «ز» ، وفي المعرفة والتاريخ : بأي نفس ، واللفظة سقطت من م أيضا.
(٧) إعجامها مضطرب بالأصل وم و «ز».