علمه مائد ، وماجد نيل فضله زائد ، ورئيس خضعت الرؤوس لرفعة نسبه ، وأصيل كم أذهب خلة سائل لسائل ذهبه. كان ذا همة علا نجمها ، وأحكام مضى سيفها ونفذ سهمها ، وبيت بناؤه مشيّد ، وبنان راجيه لإطلاق مقيّد ، وأخبار حسن خبرها ، وسيرة سار بالجميل ذكرها. رأيت شخصه مرات ، وسمعت بماله من الأيادي والمبرات. وحكم بحلب عشرة أعوام ، ثم لحق بمن سلف من آبائه الكرام. وفيه يقول الشيخ جمال الدين محمد ابن نباتة المصري من قصيدة :
لم أنس في حبيه كم ليلة |
|
خلفني أرعى دجاها البهيم |
نظرت في أنجمها نظرة |
|
فقال لي جسمي إني سقيم |
ما الشمس إلا وجهك المجتلى |
|
ولا الحيا إلا ندى ابن العديم |
كمال دين الله من غيثه |
|
قد ألحق الساري بخصب المقيم |
من معشر سادوا وساسوا الورى |
|
ببأس قاس وبجدوى رحيم |
مثل النجوم الزهر كم مهتد |
|
بها من الناس وكم من رحيم |
يا عمر الخير لقد نبّهت |
|
منك المعالي طرف راع حليم |
إنا وجدناك لنظم الثنا |
|
أبا فجئناك بدرّ نظيم (١) |
انتهى. ومولده سنة ثلاث وسبعين وستمائة ، وتوفي سنة عشرين وسبعمائة بحلب تغمده الله برحمته.
قال القرشي في طبقات الحنفية : وتولى بعده قاضي القضاة ناصر الدين محمد ويأتي ا ه.
وقال في المنهل الصافي في ترجمته : تولى قضاء حلب سنة عشر وسبعمائة ، وهو أول من ولي قضاء الحنفية بحلب ، ولم يكن قبل تاريخه بحلب غير قاض واحد شافعي منذ ولي بنو أيوب بعد الخلفاء الفاطميين ، وأما العصر الأول فكانت الحنفية هم قضاة سائر الأقطار. وكان كمال الدين المذكور إماما عالما فقيها ا ه.
__________________
(١) القصيدة طويلة وهي في ديوانه المطبوع (ص ٤٣٦) وهذا البيت فيها على هذه الصورة :
وكم رأيناك لمربي الثنا |
|
أبا فجئناك بدر يتيم |