وأربعمائة رحمهالله ا ه (ابن خلكان). أقول : تقدم آنفا في ترجمة عبد الله بن سنان الخفاجي المتوفى سنة ٤٦٦ أن هذا الكتاب كتبه الكاتب أبو نصر المذكور عن لسان محمود ابن نصر صاحب حلب إلى عبد الله بن سنان الخفاجي صاحب قلعة عزاز ، وتقدم أن هذا الجواب كان من ابن سنان المذكور ، ونقلنا ذلك عن فوات الوفيات لابن شاكر. وابن خلكان ذكر هنا أن المرسل إليه الكتاب هو علي بن مقلد بن منقذ صاحب قلعة شيزر والجواب له ، فالله أعلم أيهما أصح ، غير أن ابن خلكان متثبت أكثر.
٧٥ ـ المبارك بن شرارة الطبيب المتوفى سنة ٤٩٠
المبارك بن شرارة أبو الخير الطبيب الكاتب الحلبي ، هذا رجل كاتب طبيب من أهل حلب نصراني يعرف من الطب أوائله ، ولم يكن له يد في علم المنطق ، وكان ارتزاقه بطريق الكتابة ، وله جرائد مشهورة بحلب عند أهلها يحفظونها لأجل الخراج المستقر على الضياع ، وكان قوي الصنعة في علم الكتابة ، وتعرف جرائده بالجرائد الحكميات ، وإذا اختلف النواب في شيء من هذا النوع رجعوا إليها.
وكان أبو الخير هذا قد اجتمع بابن بطلان الطبيب عند وروده إلى حلب وجرت بينهما مذاكرات أدت إلى المناقرة ، وقد مر ذكرها في ترجمة ابن بطلان.
ولم يزل ابن شرارة هذا مقيما بحلب يتقلب في صناعته إلى أن دخلت دولة الترك ووليها رضوان بن تتش ، وحضر يوما عنده وهو يشرب ، فحمله السكر على أن قال له : أسلم ، فامتنع فضربه بسيف كان في يده أثّر في جسمه بعض أثر ، ونزل من بين يديه ولم يعد إلى داره ، ومر على وجهه إلى أنطاكية وخرج عنها إلى مدينة صور ، وأقام هناك إقامة الغريب المسكين ، وأدركته وفاته بصور ، فنودي عليه نداء الغريب ، ودفن بها في حدود سنة تسعين وأربعمائة.
ولأبي الخير هذا كتاب في التاريخ ذكر فيه حوادث ما قرب من أيامه يشتمل على قطعة حسنة من أخبار حلب في أوانه ، ولم أجد منه سوى مختصر جاءني في مصر اختصره بعض المتأخرين اختصارا لم يأت فيه بطائل ا ه. (أخبار العلماء بأخبار الحكماء للوزير القفطي).