(أعيان القرن السابع)
١٤٨ ـ محمود بن النحاس المتوفى سنة ٦٠٢
والكلام على المدرسة الشاذبختية
قال أبو ذر : هذه المدرسة بدرب العدول وهو سوق النشّابين ، أنشأها الأمير جمال الدين شاذبخت الخادم الهندي الأتابكي وكان نائبا عن نور الدين بحلب بقلعتها. ومحرابها عجيب وبها إيوان وخلاوي للفقهاء. وشاذبخت المذكور استمر أمره بالقلعة وحفظها على ولد نور الدين الصالح مدة حياته. وكان شاذبخت شهما من الرجال ذا رأي سديد وعقل وافر وتدبير حسن ، وله اليد البيضاء في فعل المعروف وبناء الربط والمدارس ، بنى بحلب مدرستين هذه والأخرى ظاهر حلب شماليها ، وكان يعرف بمشهد الزرازير ، ورأيته وهو عامر ثم إن الدولة هدمته وأخذت أحجاره لعمارة سور حلب ، والفاعل لذلك باك نائب السلطنة بقلعة حلب في زمن الأشراف. ونقل ابن العديم عز الدين وقفه بمربع شريف إلى الشاذبختية المذكورة. ووقف شاذبخت المذكور أوقافا على الصدقات وعلى خانقاه شنقرجا. ووقف بحرّان خانقاه للصوفية ، ولما توفي الصالح حفظ حلب ولم يزل يأمر فيها وينهى إلى أن قدم عز الدين. انتهى ما رأيته بخط ابن عشائر.
ولما كملت هذه المدرسة استدعي من سنجار نجم الدين مسلم بن سلامة ليوليه تدريسها ، فقدم حلب وأصبح ليذكر بها الدرس ، واحتفل شاذبخت لوليمة يعملها فسير الظاهر غازي إليه وسأله أن يوليها موفق الدين بن النحاس ، فلم يسعه مخالفة الظاهر وانعكس عليه مقصوده ، فتولى الموفق المدرسة ، وسار النجم عن حلب. ولم يزل الموفق متوليها إلى أن توفي يوم الأربعاء ثالث عشر ربيع الآخر سنة اثنتين وستمائة بتل عبده من عمل حرّان عائدا من رسالة حملها لصاحب تبريز من جهة الظاهر غازي ونقل إلى حلب فدفن بها.
وتولى بعده تدريسها القاضي شمس الدين محمد بن يوسف بن الخضر المعروف بابن