هذا كتابي إلى من غاب عن نظري |
|
وشخصه في سويدا القلب والبصر |
ولا يمنّ بطيف منه يطرقني |
|
عند المنام ويأتيني على قدر |
ولا كتاب له يأتي فأسمع من |
|
أنبائه عنه فيه أطيب الخبر |
حتى الشمال التي تسري على حلب |
|
ضنّت عليّ فلم تخطر ولم تسر |
أخصه بتحياتي وأخبره |
|
أني سئمت من الترحال والسفر |
أبيت أرعى نجوم الليل مكتئبا |
|
مفكرا في الذي ألقى إلى السحر |
وليس لي أرب في غير رؤيته |
|
وذاك عندي أقصى السول والوطر |
ا ه ما في فوات الوفيات لابن شاكر.
ومن لطائفه الدالة على مكارم أخلاقه وعلو همته ما ذكره ابن أبيك الصفدي في شرحه للامية العجم عند قول الطغرائي (أريد بسطة كف ... إلخ) أن إنسانا رفع قصته إلى الصاحب كمال الدين ابن العديم فأعجبه خطه فأمسكها وقال لرافعها : هذا خطك؟ قال : لا ولكن حضرت إلى باب مولانا فوجدت بعض مماليكه فكتبها لي ، فقال : عليّ به ، فلما حضر وجده مملوكه الذي يحمل مداسه ، وكان عنده في حال غير مرضية فقال : هذا خطك؟ قال : نعم ، قال : هذه طريقتي ، من هو الذي أوقفك عليها؟ فقال : يا مولانا كنت إذا وقعت لأحد على قصة أخذتها منه وسألته المهلة عليّ حتى أكتب عليها سطرين أو ثلاثة ، فأمره أن يكتب بين يديه ليراه فكتب :
وما تنفع الآداب والعلم والحجا |
|
وصاحبها عند الكمال يموت |
فكان إعجاب الصاحب بالاستشهاد أكثر من الخط ، ورفع منزلته عنده حينئذ ا ه.
ومما قاله في منتخب شذرات الذهب في أخبار من ذهب في حقه : كان قليل المثل عديم النظر فضلا ونبلا ورأيا وحزما وذكاء وبهاء وكتابة وبلاغة ، درّس وأفتى وصنف وعلّم وناب عن الملك الناصر في سلطنة دمشق ، وكان خطه في غاية الحسن ، وكان له معرفة تامة بالحديث والتاريخ وأيام الناس ، وكان حسن الظن بالفقراء والصالحين.
وذكره ابن كثير في حوادث سنة ٦٦٠ ومما قاله في حقه : الأمير الوزير الرئيس الكبير صنف لحلب تاريخا مفيدا يقرب من أربعين مجلدا ، وكان جيد المعرفة بالحديث حسن الظن