وانتفع به ، وله كتاب سماه «ملجأ الحكام عند التباس الأحكام» ذكر في أوائله أنه حج في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة وزار بيت المقدس والخليل عليهالسلام بعد الحج والزيارة للرسول صلىاللهعليهوسلم ، ثم دخل دمشق والسلطان صلاح الدين محاصر قلعة كوكب ، فذكر أنه سمع بوصوله فاستدعاه إليه فظن أنه يسأله عن كيفية قتل الأمير شمس الدين ، فإنه كان أمير الحاج في تلك السنة من جهة صلاح الدين وقتل على جبل عرفات لأمر يطول شرحه ، فلما دخل عليه ذكر أنه قابله بالإكرام التام ، وما زاد على السؤال عن الطريق ومن كان فيه من مشايخ العلم والعمل وسأله عن جزء من الحديث ليسمعه عليه ، فأخرج له جزءا جمع فيه أذكار البخاري وأنه قرأه عليه بنفسه ، فلما خرج من عنده تبعه عماد الدين الكاتب الأصبهاني وقال له : السلطان يقول لك : إذا عدت من الزيارة وعزمت على العود فعرّفنا بذلك فلنا إليك مهم ، فأجابه بالسمع والطاعة ، فلما عاد عرّفه بوصوله فاستدعاه وجمع له في تلك المدة كتابا يشتمل على فضائل الجهاد (١) وما أعد الله سبحانه وتعالى للمجاهدين ، يحتوي على مقدار ثلاثين كراسة ، فخرج إليه واجتمع به بقيعة حصن الأكراد وقدم له الكتاب الذي جمعه وقال : إنه كان عزم على الانقطاع في مشهد بظاهر الموصل إذا وصل إليها.
ثم إنه اتصل بخدمة صلاح الدين في مستهل جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وخمسمائة ، ثم ولاه قضاء العسكر والحكم بالقدس الشريف.
ولما توفي صلاح الدين كان حاضرا وتوجه إلى حلب لجمع كلمة الإخوة أولاد صلاح الدين وتحليف بعضهم لبعض ، فكتب الملك الظاهر غياث الدين بن صلاح الدين صاحب حلب إلى أخيه الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين صاحب دمشق يطلبه منه ، فأجابه إلى ذلك ، فأرسله الظاهر إلى مصر لاستخلاف أخيه الملك العزيز عماد الدين عثمان ابن صلاح الدين ، وعرض عليه الظاهر الحكم بحلب فلم يوافق على ذلك ، فلما عاد من هذه الرسالة كان القاضي بحلب قد مات فعرض عليه فأجاب. هكذا ذكره في كتاب «ملجأ الحكام».
__________________
(١) قال فانديك في كتابه «اكتفاء القنوع بما هو مطبوع» في صحيفة ٩٠ : كتاب أحكام الجهاد النبوي لبهاء الدين بن شداد طبع في لندن سنة ١٧٥٥ م باعتناء العلامة سولتنز. ا ه.