ما كنت أول مشتاق إلى وطن |
|
بكى وحنّ إلى أحبابه وصبا |
ولا بأول من لجّ الغرام به |
|
فباح لمّا شكى من قلبه وصبا |
صبّ إذا لاح برق من ديارهم |
|
كأنما خلته من قلبه حلبا |
يجانب النوم إن مرت بجانبه |
|
ريح الجنوب ويصبو أن تهب صبا |
ويستطير اشتياقا كلما لمع ال |
|
برق اليمانيّ من تلقائهم وخبا |
فهل معين لذي عين مسهدة |
|
عين من الدمع منها الماء ما نضبا |
بادي الصبابة لا يصبو إلى عذل |
|
حلف الكآبة لا ينفك مكتئبا |
أغراه بالوجد من أغراه بعدهم |
|
من التصبّر عنهم فاستحال هبا |
يريك ظاهره بالعين باطنه |
|
فغير خاف سوى ما في الضمير خبا |
قد كان يأمل أن يقضي الزمان له |
|
إليهم رجعة يقضي بها أربا |
فعاقه قذل عما يحاوله |
|
فإن قضى بهم وجدا فلا عجبا |
لو خيّر الخلد من أوطانه بدلا |
|
لم يرضها بدلا منها فدع حلبا |
ولو تزف إليه الأرض قاطبة |
|
لم يرض أرضا سواها مسرحا وربا |
وكيف أرضى بأرض ما وجدت بها |
|
صديق صدق حوى فضلا ولا أدبا |
إلا أناسا سئمت العيش بعدهم |
|
إذا غدا الناس رأسا خلتهم ذنبا |
لا يأمرون بمعروف كذاك ولا |
|
ينهون عن منكر خوفا ولا رعبا |
إذا بلوتهم ألفيتهم نفرا |
|
وإن بلوتهم ألفيتهم أدبا |
وإن نثرت عليهم كلما انتظموا |
|
در القريض جزوني عنه مشخلبا |
وكلما حضروا أحضرت من أدبي |
|
مآدبا حار في آدابها الأدبا |
طلس الدباب أضل الله سعيهم |
|
تطيلسوا اللؤم لما استعذبوا العذبا |
وشر ما نالني فيها وأعجبه |
|
أني اتخذت الأعادي وصلة قربا |
أقمت حولين في أكناف أكنفها |
|
حلف السقام أقاسي الهم والوصبا |
لم أحظ منهم بحظ مذ حللت بها |
|
أغنى من الود لا مالا ولا نشبا |
فقرب الله في الترحال عن بلد |
|
فيه الأجانب خير لي من القربا |
وباعد الله داري من ديارهم |
|
ولا لقيّ لي إن سميتهم نسبا (١) |
__________________
(١) هكذا في الأصل.