الشهرزوري مدة شهر واحد ، ثم رحل إلى حمص ووليها نجم الدين محمد بن محمد بن عبد الله بن علوان الأسدي ، ولم يزل بها إلى أن تزهد في سنة تسع وثلاثين وستماية وخرج منها ، فوليها قوام الدين أبو العلاء المفضل بن السلطان المعروف بابن حادور الحموي ، ولم يزل مدرسا بها إلى أن ولي قضاء معرة النعمان في سنة ست وأربعين ، ثم عزل عن المعرة وعاد إلى حلب فولي المدرسة الشعيبية مدة.
ثم ولي قضاء حمص سنة خمس وخمسين وستماية ، ثم عزل عن حمص وتوفي سنة ستين وستماية بحماة ، ثم وليها رشيد الدين عمر بن إسماعيل الفارقاني سنة ست وأربعين وستماية ، ولم يزل مدرسا بها إلى سنة ثلاث وخمسين وستماية ، ثم خرج إلى دمشق ووليها مدة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن خلكان ، ولم يزل بها إلى أن كانت وقعة التتر فخرج من حلب إلى ديار مصر فمات بالفيوم.
قلت : وهذه المدرسة لها وقف بدمشق كبير ووقف بحلب وهو حصة بقرية سارد وحوانيت خارج بانقوسا استبدلها ابن الحسفاوي بحانوت في سويقة حاتم.
قال لي والدي : إن درسها كان يقام قبل تيمور على الشمع الموكبي بعد صلاة الصبح ، ثم نخرج إلى باب قنسرين فنسمع زفة القلعة ونحن قاصدون بقية المدارس التي خارج البلد لأجل الدروس. ودرّس بها جماعة كالسيد عبد الله وآخرا الشيخ شرف الدين الأنصاري وانتقل بعده التدريس لولده ثم لولد ولده ، وعنه أخذ شيخنا المؤرخ ، وكان يدرس أولا نيابة عنه. ودرّس بها الشريف الحسيني قاضي حلب وجماعة ا ه كلام أبي ذر.
أقول : موقع هذه المدرسة في محلة باب قنسرين فوق الجامع المعروف بجامع الكريمية بقليل أمام الزقاق الذي يأخذ بك إلى جامع الرومي ولم تزل معروفة بهذا الاسم ، والباقي من بنائها القديم القبلية وطولها نحو ٢٢ ذراعا وعرضها نحو ٩ أذرع ، وهناك فوق المحراب قبة عظيمة الارتفاع لكنها سائرة إلى الخراب ، وفي يمين القبلية مخدعان قبلة وشمالا كان بهما قبور درست الآن ، وفي صحن المدرسة مصطبة أمام القبلية وحوض كبير يملأ من القناة وبجانبه صهريج ماء كان مردوما عثر عليه منذ عشرين سنة ، فاصلح من قبل أهل الخير وصار يملأ من القناة أيضا. وكانت حجر المدرسة متهدمة فجددت سنة ١٣١٦ ، وهي مع حجرة التدريس ثماني حجر ، وشيخها الآن الشيخ عبد الله المعطي الفرضي وهو مشهور بعلم الفرائض ، وهي تحت يد دائرة الأوقاف ، والباقي من أوقافها فرن ودكان