فلما وقف عليها الأمير نصر أطلق لهم مائة دينار ، فقال : والله لو قالوا : بمثل الذي أعطيته لأبن حيّوس لأعطيتهم مثله.
وذكر العماد الكاتب في الخريدة أن هذه الأبيات لأبي سالم عبد الله بن أبي الحسن أحمد ابن محمد بن الدويدة ، وأنه كان يعرف بالواقي ، والله أعلم.
وكان الأمير نصر سخيا واسع العطاء ، ملك حلب بعد وفاة أبيه محمود في سنة سبع وستين وأربعمائة.
وقدم ابن حيّوس حلب في شوال سنة أربع وستين وأربعمائة ، وداره بها هي الدار المعروفة الآن بالأمير علم الدين سليمان بن جندر.
ومن محاسن شعر ابن حيّوس القصيدة اللامية التي مدح بها أبا الفضائل سابق بن محمود وهو أخو الأمير نصر المذكور ، ومن مديحها قوله :
طالما قلت للمسائل عنكم |
|
واعتمادي هداية الضلّال |
إن ترد علم حالهم عن يقين |
|
فالقهم في مكارم أو نزال |
تلق بيض الوجوه سود مثار النقع خضر الأكناف حمر النصال (١) |
وما أحسن هذا التقسيم الذي اتفق له ، وقد ألم فيه بقول أبي سعيد محمد بن محمد ابن الحسين الرستمي الشاعر المشهور من جملة قصيدة يمدح بها الصاحب بن عباد ، وهي من فاخر الشعر ، وذلك قوله :
من النفر العالين في السلم والوغى |
|
وأهل المعالي والعوالي وآلها |
إذا نزلوا اخضرّ الثرى من نزولهم |
|
وإن نازلوا أحمر القنا من نزالها |
هذا والله الشعر الخالص الذي لا يشوبه شيء من الحشو.
ومن غرر قصائد ابن حيّوس السائرة قوله :
هو ذاك ربع المالكية فاربع |
|
واسأل مصيفا عافيا عن مربع |
__________________
(١) هذا النوع يسمى عند علماء البديع التدبيج. ومثله للمترجم قوله كما في الخزانة لابن حجة :
ببياض عزم واحمرار صوارم |
|
وسواد نقع واخضرار رحاب |