أبو محمد الخفاجي الحلبي؟ فقال : نعم ، فسئل عن ذلك فقال : أما طوله فعرفته بالسلام ، وأما كونه أبا محمد فعرفته بصحة قراءته وأدائه بنغمة أهل حلب ، فإنني سمعت بحديثه.
وقد ذكر ابن بسّام المغربي في كتابه المعروف بالذخيرة أن أبا الفضل محمد بن عبد الواحد البغدادي نفذ من بغداد رسولا عن الخليفة القائم بأمر الله إلى المعز بن باديس الصنهاجي ملك القيروان حين رام الخطبة لبني العباس ومخالفة ملوك مصر العبيديين ، فلما اجتاز بالمعرة اجتمع بأبي العلاء المعري فاستنشده ، فأنشده قصيدة لامية يمدح بها صاحب حلب ، فقبل المعري بين يديه (١) وقال له : بأبي أنت من ناظم ، وما أراك إلا رسول أمير المؤمنين القائم إلى المعز ملك القيروان ، فاطو خبرك فالعيون لم ترك. فلحق بالمعز.
سمعت والدي رحمهالله يقول : بلغني أن أبا العلاء بن سليمان كان يعجبه قصيدة التهامي التي يرثي بها ولده ، وأولها :
حكم المنية في البرية جار |
|
ما هذه الدنيا بدار قرار |
قال : فكان لا يرد عليه أحد من أهل العلم إلا ويستنشده إياها لإعجابه بها ، فقدم التهامي معرة النعمان ودخل على أبي العلاء فاستنشده إياها ، فأنشدها ، فقال له : أنت التهامي؟ فقال : نعم ، وكيف عرفتني؟ فقال : لأنني سمعتها منك ومن غيرك فأدركت من حالك أنك تنشدها من قلب قريح ، فعلمت أنك قائلها.
هذا معنى ما ذكره لي والدي رحمهالله ا ه.
نقلت من خط أبي الحسن علي بن مهند بن علي بن مقلد بن منقذ في كتابه الموسوم بالبداية والنهاية قال : وحدثني أبي قال : حدثني جد أبي رحمهالله قال : وصل إنسان عراقي إلى المعرة ، فأنفذ يختبر الشيخ أبا العلاء مع بعض تلاميذه فقال : قل للشيخ : ما في هذه الأبيات الرجز من المعاني واللغة :
صلب العصا بالضرب قد دمّاها |
|
إذا أرادت رشدا أغواها |
يود أن الله قد أفناها |
__________________
(١) في الطبعة المصرية : بين عينيه.