لحريص على الأجر» ، قال : أجل ، «وإنّك من أهل الجنة ، ولتقتلك الفئة الباغية» ، قال : بلى ، قد سمعته ، قال : فلم قتلتموه ، قال : فالتفت إلى معاوية فقال : يا أبا عبد الرّحمن ألا تسمع ما يقول هذا؟ قال : أما سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول لعمّار وهو يبني المسجد : «ويحك إنك لحريص على الأجر ، ولتقتلك الفئة الباغية» ، قال : بلى ، قد سمعته ، قال : فلم قتلتموه ، وقال (١) : ويحك ـ وقال بن المقرئ : ويلك ـ ما نراك ترحض في بولك (٢) أو نحن قتلناه؟ إنّما قتله من جاء به [٩٣٠٠].
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي ، نا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو زكريا العنبري ، نا محمّد بن سلام ، نا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أنا عطاء بن مسلم الحلبي قال : سمعت الأعمش يقول : قال أبو عبد الرّحمن السلمي.
شهدنا صفّين ، فكنا إذا توادعنا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء ، وهؤلاء في عسكر هؤلاء ، فرأيت أربعة يسيرون : معاوية بن أبي سفيان ، وأبو الأعور السّلمي ، وعمرو بن العاص وابنه ، فسمعت عبد الله بن عمرو يقول لأبيه عمرو : قد قتل هذا الرجل ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما قال : قال : أيّ رجل؟ قال : عمّار بن ياسر ، أما تذكر يوم بنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسجد ، فكنا نحمل لبنة لبنة ، وعمّار يحمل لبنتين لبنتين ، فمرّ على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «تحمل لبنتين لبنتين ، وأنت ترحض ، أما إنّك ستقتلك الفئة الباغية ، وأنت من أهل الجنة» فدخل عمرو على معاوية فقال : قتلنا هذا الرجل ، وقد قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما قال ، فقال : اسكت ، فو الله ما تزال ترحض في بولك ، أنحن قتلناه؟ إنما قتله عليّ وأصحابه ، جاءوا به حتى ألقوه بيننا.
وقد روي من وجه آخر مرسلا :
أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن البسري ، وأبو طاهر بن القصاري ، وأبو محمّد ، وأبو الغنائم ابنا علي بن الحسن ، وأبو الحسين العاصمي ، وأبو عبد الله النعالي ، قالوا : أنا أبو عمر بن مهدي ، أنا محمّد بن أحمد بن يعقوب ، نا جدي ، نا مسدّد بن مسرهد بن مسربل أبو الحسن (٣) ، نا عبد الوارث ، عن أبي
__________________
(١) القائل : معاوية بن أبي سفيان.
(٢) بدون إعجام بالأصل ، وفوقها فيه ضبة. والمثبت عن المختصر.
(٣) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٩١.