قدمي ، ففعلت ، فسرنا إلى أن انفجر الصّبح ، فغاب عني ، فصحت به ، فلم يجبني أحد ، فأخذت أطبق عليه وأقول : هؤلاء الغرباء من حالهم ، أخرجني من بلدي وذهب وتركني ، وفي ظني أنّي في بعض الضياع ، فلما اكثرت الكلام ، فإذا رجل يقول : أيش أنت؟ فقلت : من أهل دمشق ، وقصصت عليه قصّتي ، فقال : يا هذا ، تدري أين أنت؟ فقلت : لا ، قال : أنت في شرب (١) الحمام ، تدّعي أنك البارحة خرجت من دمشق ، أيش ذهب عقلك؟ فقلت : يا هذا ، معي علامة ، فأخرجت ما كان معي من الطعام ، فعلم أن ذلك لا يكون إلّا بدمشق ، فقال لي : هذا من أولياء الله ، فوردت (٢) القدس ، فإذا صاحبي ، فسلّم علي وقال : ما هذا ، كم تشنع عليّ ألم تقل : كنت أشتهي أن أصل إلى الرملة ، قد وصّلناك ، ودفع إليّ صرة اشتريت بها هدية ، وكانت مباركة ، حججت ، وبقيتها معي.
٥٠٧٨ ـ علي بن محمّد
أبو الحسن الحوطي
كان بصيدا.
حكى عنه أبو نصر بن طلّاب.
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي ، وأبو محمّد بن الأكفاني ، وأبو الحسن الشافعي ، قالوا : أنا أبو نصر بن طلّاب ، أنا أبو الحسن علي بن محمّد الحوطي بصيدا في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة ، قال :
روي لنا أن عصام بن المصطلق قال : دخلت الكوفة ، فأتيت المسجد ، فرأيت الحسين بن علي جالسا فيه ، فأعجبني سمته ورواه ، فقلت : أنت ابن أبي طالب؟ قال : أجل ، فأثار مني الجسد ما كنت أجنّه (٣) له ولأبيه ، فقلت : فيك وبأبيك وبالغت في سبّهما ، ولم أكنّ ، فنظر إليّ نظر عاطف رءوف وقال : أمن أهل الشام أنت؟ فقلت : أجل شنشنة أعرفها من أخزم (٤) فتبيّن فيّ الندم على ما فرط مني إليه ، فقال : (لا تَثْرِيبَ
__________________
(١) كذا ، وفي المختصر : سرب الحمام.
(٢) في المختصر : فزرت القدس.
(٣) بدون إعجام بالأصل ، والمثبت عن المختصر.
(٤) مثل ، مرّ في كتابنا الحديث عن مناسبته.