معروفه ، وعرفت بالكفّ عن الدماء والحرمات عفّته ، إلى أن توفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة (١) عام أحد وثلاثين وسبعمائة. ثم صار الأمر إلى ولده السلطان ، مقتفي (٢) سننه في الفضل والمجد ، وضخامة السلطان ، مبرّا عليه بالبأس المرهوب ، والعزم الغالب ، والجدّ الذي لا يشوبه هزل ، والاجتهاد الذي لا تتخلّله (٣) راحة ، الذي بعد مداه ، وأذعن لصولته عداه ، واتصلت ولايته مدته ، ومعظم مدة أخيه الوالي بعده.
وبتلمسان الأمير عبد الرحمن بن موسى (٤) بن يغمراسن ، من بني عبد الواد ، مشيّد القصور ، ومروّض الغروس ، ومتبنّك التّرف ، واتّصل (٥) إلى تمام مدته ، وصدرا من مدة أخيه بعده.
وبتونس الأمير أبو يحيى ، أبو بكر بن الأمير أبي زكريا بن الأمير أبي إسحاق لبنة تمام قومه ، وصقر الجوارح (٦) من عشّه ، وسابق الجياد من حلبته ، إلى تمام المدة ، وصدرا كبيرا من دولة أخيه بعده.
ومن ملوك النصارى (٧) ، ملك على عهده الجفرتين القنيطية والتاكرونية ، الطاغية المرهوب الشّبا ، المسلط على دين الهدى ، ألهنشة بن هراندة بن شانجه بن ألفنش بن هراندة ، الذي احتوى على كثير من بلاد المسلمين حتى الجفرتين. واتصلت أيامه إلى أخريات أيام أخيه ، وأوقع بالمسلمين على عهده ، وتملّك الجزيرة الخضراء وغيرها.
وبرغون ، ألفنش بن جايمش بن ألفنش بن بطره (٨) بن جايمش الذي استولى على بلنسية ، ودام إلى آخر مدته ، وصدرا من مدة أخيه. وقد استقصينا من العيون أقصى ما سحّ به الاستقصاء ، وما أغفلناه أكثر ، ولله الإحاطة.
مولده : في الثامن من شهر المحرم من عام خمسة عشر وسبعمائة.
__________________
(١) في اللمحة البدرية : «قعدة».
(٢) في اللمحة البدرية : «المقتفي سننه في المجد والفضل ...».
(٣) في الأصل : «يتخلّله».
(٤) في الأصل (ص ٩٦): «موسى أبو تاشفين ، مشيّد ...».
(٥) كلمة «واتصل» غير واردة في اللمحة البدرية.
(٦) في اللمحة البدرية : «وصقر جوارح متأخريهم إلى تمام مدته وصدرا كبيرا من دولة أخيه».
(٧) في اللمحة البدرية : «النصارى ، وأولا بقشتالة : ألفونش بن هراندة بن شانجه بن ألفونش بن هراندة الذي ملك على عهده الجفرتين ...».
(٨) في اللمحة البدرية : «بيطره بن ألفونش بن بيطره بن جايمش المستولي على بلنسية إلى آخر ...».