في قبضته ؛ فبدأه بالجميل والتّكريم ، وأوسع عليه وعلى رجاله في (١) العطاء والقرى والتعظيم بما مكّن اغترارهم ، وثبّت طمأنينتهم. ووقعت المناظرة بين زهير وباديس (٢) ، ومن حضرهما من رجال دولتيهما ، فنشأ (٣) بينهما عارض الخلاف لأول وهلة ، وحمل زهير أمره على التّشطّط ، فعزم باديس على اللقاء (٤) ووافقه عليه قوم من خدّامه ، فأقام المراتب ، ونصب الكتائب ، وقطع قنطرة لا محيد عنها لزهير ، والحائن (٥) لا يشعر ؛ وغاداه عن تعبئة محكمة ، فلم يرعه إلّا رجّة القوم راجعين ، فدهش زهير وأصحابه ، إلّا أنه أحسن تدبير الثبات لو استتمّه ، وقام فنصب الحرب ، وثبت في قلب العسكر ، وقدّم خليفته هذيلا في وجوه أصحابه إلى الموالي ، فلمّا رأتهم صنهاجة ، علموا أنهم الحماة والشّوكة (٦) ، ومتى حصدوا لم يثبت من وراءهم ، فاختلطوا بهم (٧) ، واشتدّ القتال ، فحكم الله لأقلّ الطائفتين من صنهاجة ليري الله (٨) قدرته ، فانهزم زهير وأصحابه وتقطّعوا ، وعمل السيف فيهم فمزّقوا ، وقتل زهير ، وجهل مصرعه ؛ وغنم رجال باديس من المال والمرافق (٩) والأسلحة والحلية والعدّة والغلمان والخيام (١٠) ، ما لا يحاط بوصفه. وكانت وفاة زهير يوم الجمعة عقب شوّال ، سنة تسع وعشرين وأربعمائة بقرية ألفنت خارج غرناطة.
طلحة بن عبد العزيز بن سعيد البطليوسي وأخواه أبو بكر
وأبو الحسن بنو القبطرنة (١١)
يكنى أبا محمد.
__________________
(١) في الذخيرة : «في القرى والتعظيم ، ما مكّن ...».
(٢) في الذخيرة : «بين باديس وزهير».
(٣) في الذخيرة : «ففشا».
(٤) «باديس عند ذلك على القتال ، ووافقه قومه صنهاجة ، فأقام مراتبه ونصب كتائبه ...».
(٥) في البيان المغرب : «والخائن».
(٦) في الذخيرة : «أنهم حمته وشوكته ، وأنهم متى خضدوها ...». وفي البيان المغرب : «أنهم حماته وشوكته وأنهم متى حصدوها ...».
(٧) في المصدرين : «فاختلط الفريقان».
(٨) كلمة «الله» ساقطة في الأصل ، وقد أضفناها من المصدرين.
(٩) في البيان المغرب : «والخزائن».
(١٠) في البيان المغرب : «والخيام وسائر أنواع الأموال ما لا يحيط به الوصف».
(١١) تراجم الإخوة الثلاثة في المغرب (ج ١ ص ٣٦٧) وقلائد العقيان (ص ١٤٨) والمطرب (ص ١٨٦) ونفح الطيب (ج ٢ ص ١٦٩). وترجمة أبي محمد طلحة في التكملة (ج ١ ص ٢٧٠) والذخيرة (ق ٢ ص ٧٥٣) والمغرب (ج ١ ص ٣٦٧). وترجمة أبي بكر عبد العزيز في التكملة (ج ٣ ص ٩٠). وترجمة الأخوين أبي بكر وأبي الحسن في رايات المبرزين (ص ٩٦ ، ٩٧).