مناقبة : أنهى (١) إليه عباس بن ناصح وقد عاد من الثغر أن امرأة من ناحية وادي الحجارة سمعها تقول : وا غوثاه ، يا حكم ، ضيّعتنا ، وأسلمتنا ، واشتغلت عنّا ، حتى استأسد العدوّ علينا ، ورفع إليه شعر في هذا المعنى والغرض ، فخرج من قرطبة كاتما وجهته ، وأوغل في بلاد الشّرك ، ففتح الحصون ، وهدّم المنازل ، وقتل وسبى (٢) ، وقفل بالغنائم على الناحية التي فيها تلك المرأة ، فأمر لأهل تلك الناحية بمال من الغنائم يفدون به أسراهم (٣) ، ويصلحون به أحوالهم ، وخصّ المرأة وآثرها ، وأعطاها عددا من الأسرى ، وقال لها : هل أغاثك الحكم؟ قالت : إي والله ، أغاثنا وما غفل عنّا ، أعانه الله وأعزّ نصره.
وفاته : توفي لأربع بقين لذي الحجة سنة ست ومائتين ، وكان عمره اثنتين (٤) وخمسين سنة. وجرى ذكره في الرجز من نظمي في تاريخ دول الإسلام (٥) بما نصّه : [الرجز]
حتى إذا الدهر عليه احتكما |
|
قام بها ابنه المسمّى حكما |
واستشعر الثورة فيها وانقبض |
|
مستوحشا كاللّيث أقعى وربض |
حتى إذا فرصته لاحت تفض |
|
فأفحش الوقعة في أهل الرّبض |
وكان جبّارا بعيد الهمّه |
|
لم يرع من آل بها أو ذمّه |
حكم بن أحمد بن رجا الأنصاري
من أهل غرناطة ، يكنى أبا العاصي.
حاله : كان من قرّائها ونبهائها ، وكان من أهل الفضل والطلب ، وإليه ينسب مسجد أبي العاصي ، وحمام أبي العاصي ودربه بغرناطة ، وكفى بذلك دليلا على الأصالة والتأثّل. ذكره أبو القاسم ولم يذكر من أمره مزيدا على ذلك.
__________________
(١) قارن بالبيان المغرب (ج ٢ ص ٧٣).
(٢) في البيان المغرب : «وقتل كثيرا ، وأسر كذلك».
(٣) في المصدر نفسه : «سباياهم».
(٤) في الأصل : «اثنين» وهو خطأ نحوي.
(٥) هو كتاب «رقم الحلل في نظم الدول».