تواليفه : تواليفه حسان ، وموضوعاته مفيدة ؛ منها كتاب «المدخل إلى الهندسة» في تفسير كتاب أقليدس. ومنها كتاب ثمار العدد المعروف ب «المعاملات». ومنها كتابه الكبير في الهندسة ، تقصّى فيه أجزاءها. ومنها كتاب في الآلة المعروفة بالأسطرلاب. ومنها تاريخه الذي ألّفه وهو تاريخ كبير.
وفاته : قال ابن جماعة في تاريخه : أخبرني أبو مروان سليمان بن عيسى الناشىء المهندس ، أنه توفي بمدينة غرناطة قاعدة الأمير حبّوس ليلة الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت لرجب سنة ست وعشرين وأربعمائة ، وهو ابن ست وخمسين سنة شمسية. وعدّه من مفاخر الأندلس.
أبو علي بن هدية
من أهل غرناطة.
حاله : قال أبو القاسم الملّاحي فيه : من أهل الدين ، والفضل ، والأمانة ، والعدالة ، والمعرفة بالتكسير والأعمال السلطانية ، وولّي «المستخلص» (١) بغرناطة ، فثقب وأجاد النظر. قال ابن الصّيرفي : ولما ولي الوزير أبو علي بن هديّة المستخلص ، وباشر جلائل الأمور ودقائقها بنفسه ، حمى المناصفين ، ورفع المؤن والكلف عنهم ، ووسّع بسليف البذر عليهم ، وآثرهم بالنّصفة بالتزام حصّة بيت المال ؛ ولم يكن له حجّاب ولا بوّاب ، فكان القويّ والضعيف ، والمشروف والشريف ، والكبير والصغير ، والرجل والمرأة ، شرعا سواء في الوصول إليه ، والتكلّم في مجلسه ، فلم يهتضم جانب ، ولا دحضت حجة ؛ إلّا أنه ارتفعت الرّقبة ، وزالت الهيبة ، وأمحق نور الخطّة ؛ وخصّ أحباس (٢) جامع غرناطة بنظره ، بفضل مال كثير من غلّته ، ونبّه باجتماعه ليزيد به بلاطين في مسقفه من شرقه وغربه ، فأكمل الله ذلك بسعيه وعلى يديه ؛ ورام ربع المستخلص ، وزاد به في حمّاماته ؛ ورمّ حوانيته ، واستحدث منيحة سمّاها المستحدثة ، وغرس قضبان الجوز في مواضع المياه ، وعوّض بما ذهب ، وشمّر في جمع المال ، ووالى الحفز على العمل ، ونصح بمقتضى جهده ، ومنتهى وسعه ، ولم تمدّ يده في مصانعة ، ولا مالت إلى مداخلة ، ولكنه لم يحمل في حق ، ولا نوقش في باطل.
__________________
(١) هو مستخلص السلطان ، أي أملاكه الخاصة.
(٢) الأحباس : هي ما يحبس لأغراض الخير ، وهي الأوقاف.