ومن فصل : «وإذا كنّا نوفي الأمة تمهيد دنياها ، ونعنى بحماية أقصاها وأدناها ، فالدين أهمّ وأولى ، والتهمّم بإقامة الشريعة وإحياء شعائرها ، أحقّ أن يقدّم وأحرى ، وعلينا أن نأخذ بحسب ما يأمر به الشرع وندع ، ونتبع السّنن المشروعة ونذر البدع.
ولنا أن لا ندّخر عنها نصيحة ، ولانغبنها أداة من الأدوات مريحة ، ولنا عليها أن تطيع وتسمع».
ومن فصل : «وأول ما يتناول به الأمر النافذ ، الصلاة لأوقاتها ، والأداء لها على أكمل صفاتها ، وشهودها إظهارا لشرائع الإيمان في جماعتها ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : «أحبّ الأعمال إليّ الصلاة لأوقاتها». وقال : «أول ما ينظر فيه من أعمال العيد الصلاة». وقال عمر : إن أهمّ أموركم عندي الصلاة ، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ، ومن ضيّعها فهو لما سواها أضيع. وقال : «لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة ، وهي الركن الأعظم من أركان الإيمان ، والسور الأوثق لأعمال الإنسان ، والمواظبة على حضورها في المساجد ، وإيثار ما لصلاة الجماعة من المزية على صلاة الواحد ، أمر لا يضيّعه المفلحون ، ولا يحافظ عليها إلّا المؤمنون. قال ابن مسعود ، رضي الله عنه : لقد رأينا ، وما يتخلّف عنها إلّا المنافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى يتهادى بين الرّجلين ، حتى يقام في الصّف. وشهود الصبح ، وعشاء الآخرة شاهد بمحضر الإيمان. ولقد جاء : حضور الصبح في جماعة يعدل قيام ليلة ، وحسبكم بهذا الرّجحان. ومن الواجب أن يعتنى بهذه القاعدة الكبرى من قواعد الدين ، ويأخذ بها في جميع الأمصار الصغير والكبير من المسلمين ، ونيط في إلزامها قوله عليه الصلاة والسلام : «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر سنين». وهي طويلة في معاني متعددة.
نثره ونظمه : ولمّا غيّر رسوم الموحّدين وأوقع بأرباب دولتهم خبر النكث ببيعته وبيعتي أخيه وعمّه ، كتب إلى الأقطار عن نفسه ، ولم يكمل إنشاءه بكتابة رسالة بديعة اشتملت على فصول كثيرة تنظر في كتاب «المغرب» و «البيان المغرب» وغير ذلك. وكتابا بخطّه إلى أهل أندوجر (١) : «إلى الجماعة والكافّة من أهل فلانة ، وقاهم الله عثرات الألسنة ، وأرشدهم إلى محو السيئة بالحسنة ؛ أما بعد فإنّه قد وصل من قبلكم كتابكم الذي (٢) جدّد لكم أسهم الانتقاد ، ورماكم من السّهاد (٣) ، بالداهية النّاد (٤) ؛
__________________
(١) الرسالة في البيان المغرب ـ قسم الموحدين (ص ٢٨٥ ـ ٢٨٦).
(٢) في البيان المغرب : «كتاب جدد».
(٣) في المصدر نفسه : «من العناد».
(٤) في الأصل : «الساد» ، والتصويب من البيان المغرب.