على مرحلة ، ويقال إن ذا القرنين أقام بالمداين إلى أن مات ، والأخبار عنه تكذّب ، فإن الأكثرين على أنه سم فى منصرفه من أرض الصين ، وحمل تابوته إلى أمه باسكندرية ، ويقال إن جانبى المدائن المكتتفين لدجلة كانت على عهد الفرس موصولا بينهما بجسر على دجلة مبنى بالآجر ، وليس لذلك أثر ؛ وأما عكبراء والبردان والنّعمانيّة ودير العاقول وجبّل وجرجرايا وفم الصلح ونهر سابس وسائر ما ذكرنا على شط دجلة من المدن فهى متقاربة فى الكبر ، ليس بها مدينة كبيرة ، وهى مشتبكة العمارة ، وكذلك لكل مدينة من ذلك كورة ؛ وأما حلوان فهى مدينة عامرة ، ليس فى أرض العراق بعد البصرة والكوفة وبغداد وواسط وسامرّا والحيرة مدينة أكبر منها ، وأكثر ثمارها التين ، وهى بقرب الجبل ، وليس بالعراق (١) مدينة بقرب الجبل غيرها ، وربما سقط بها الثلج ، فأما أعلى جبلها فإن الثلج يسقط به دائما ؛ والدّسكرة مدينة بها نخيل وزروع عامرة ، وخارجها حصن من طين ، داخله فارغ ، وإنما هو مزرعة ، يقال إن الملك (٢) كان يقيم هناك بعض فصول السنة ، فسميت دسكرة الملك لذلك ؛ وأما من تكريت إلى أن تجاوز سامرّا إلى قرب العلث فكأنك تطوف على مثال القوس إلى الدسكرة ، ثم تطوف على مثال القوس إلى حد عمل واسط ، من حدّ العراق إلى حدّ الجبل ، فإنه قليل العمارة ، فيها قرى مفترشة ، والغالب عليها الأكراد والأعراب ، وهى مراع لهم ، وكذلك من تكريت عن غربيّها إلى أن تنتهى إلى الأنبار بين دجلة والفرات قليل العمارة ، وإنما العمارة منه ما يحاذى سامرّا أميالا يسيرة والباقى بادية ، ولم أبالغ فى وصف العراق لا كثار الناس فيها واشتهار عامة ما يذكر عنها (٣) ؛ فهذه صفة جامعة لها وجيزة ، إذ كان قصدى فيها وفى غيرها إلى تخطيط هيأتها فى الصورة (٤).
__________________
(١) فى م / للعراق والتصحيح عن ا.
(٢) فى ا الملك كسرى.
(٣) فى م / منها.
(٤) زيادة عن ا.