الرّصافة وعسكر المهدى ، فمن نسبه إلى الطاق يعنى أن أوله باب الطاق ، وهو موضع السوق الأعظم ، ومن نسبه إلى الرصافة نسبه إلى قصر كان الرشيد بناه بقرب المسجد الجامع بها ، ومن نسبه إلى عسكر المهدى فإن المهدى كان عسكر من هذا الجانب بحذاء مدينة أبى جعفر ، ويسمى الجانب الغربى جانب الكرخ ، وببغداد مساجد جوامع فى ثلاثة مواضع ، فى مدينة المنصور وفى الرصافة وفى دار الخلافة ، وتتصل العمارة والبنيان بكلواذى ، وبها مسجد جامع فلو عدّ فى جملة بغداد لجاز ، وقد عقد بين الجانبين على دجلة جسران (١) من سفن ، ويكون من باب خراسان إلى أن يبلغ باب الياسريّة ، وذلك عرض الجانبين جميعا نحو خمسة أميال ، وأعمر بقعة منها الكرخ ، وبها اليسار ومساكن معظم التجار ، وأما الأشجار والأنهار ـ التى فى الجانب الشرقى ودار الخلافة ـ فإنها من ماء النّهروان وتامرّا (٢) ، وليس يرتفع إليها من ماء دجلة إلا شىء يسير ، يقصر عن العمارة وينضح بالدواليب ، وأما الجانب الغربى فإنه قد شقّ إليه من الفرات نهر عيسى (٣) من قرب الأنبار تحت قنطرة دمّما (٤) ، وتتحلب من هذا النهر صبابات تجتمع فتصير نهرا يسمى الصّراة ، ويتفجّر منها أنهار ، وبها عمارات الجانب الغربى ، ويقع ما يبقى من ماء الصّراة الصغيرة والكبيرة فى دجلة ، وينتهى آخر نهر عيسى إلى دجلة فى جوف مدينة بغداد ، وأما نهر عيسى فإن السفن تجرى فيه من الفرات إلى أن يقع فى دجلة ، وأما الصّراة (٥) فإن فيها حواجز تمنع من جرى السفن ، فتنتهى السفن منها إلى قنطرة الصراة ، ثم يحوّل ما فيها ويجاوز به ذلك الحجاز إلى سفن غيرها ، وبين بغداد والكوفة سواد مشتبك غير متميز ، تخترق إليه أنهار من الفرات ، فأولها مما يلى بغداد نهر صرصر (٦) ، عليه مدينة صرصر ، تجرى فيه السفن ، وعليه جسر من سفن تعبر عليه القوافل ، ومدينة صرصر صغيرة عامرة بالنخيل والزروع وسائر الثمار ، من بغداد على ثلاثة فراسخ ، ثم ينتهى على فرسخين إلى نهر الملك (٧) ، وهو نهر كبير أضعاف نهر صرصر ، وعليه جسر يعبر من سفن (٨) ، وينتهى نهر الملك إلى قصر عمر بن هبيرة الفزارى بإحدى شعبتية ، والأخرى ترمى فى دجلة عند كوثى نحو ضيعة تعرف بالكيل ، ثم يمتد عمود الفرات حتى يخرج منه نهر سورا ، وهو نهر كثير الماء ليس يخرج من الفرات شعبة أكبر منه (٩) ، حتى ينتهى إلى سورا ثم إلى سائر سواد
__________________
(١) فى ا جسر ولكن ابن حوقل ص ١٦٥ ليدن يذكر أنهما جسران.
(٢) يسمى نهر القاطول قبل مروره بمدينة باجسرا ـ تامرّا.
(٣) هو الآن السّكلويّة.
(٤) الدممّا قرية على الفرات والقنطرة منسوبة إليها ، هذا والتعبير فى م : لجنب دمّما والتصويب عن ا الذي هو مماثل لابن حوقل ص ١٦٥.
(٥) هذه القناة تمر فى بغداد وهى غير الصراة التى تخرج من الفرات وتصب فى دجلة ، وهي تخرج قبل مدينة المحوّل من الجانب الأيسر لنهر عيسى.
(٦) هو أبو غريب الآن.
(٧) هو الرضوانية الآن.
(٨) النص فى ا مماثل للمخطوطين C D وقريب الشبه بنص ابن حوقل ص ١٦٦ ، وهو : ... ونهر الملك مدينة أكبر من صرصر ، عامرة بالأهل كثيرة النخيل والزروع والثمار ، ثم ينتهى إلى قصر ابن هبيرة ، وليس بين بغداد والكوفة مدينة أكبر منها ، وهى بقرب نهر الفرات الذي هو العمود ، وإليها أنهار متفرقة ليست بكبار إلا أنها تعمهم وتفضل ، وهى أعمر هذا السواد ، ثم ينتهى إلى نهر سورا ، كثير الماء ليس للفرات شعبة أكبر منه ، حتى ...