رقّة طبعه ، وسلامة ذوقه ، وحسن تأثّره ببليغ الكلام ، وإن لم أكن راضيا عن كثير ممّا بجريدته.
وشبيه بقصّة القاضي مع علويّ الكاف ما ذكره ابن حجر في ترجمة كثيّر بن شهاب من «الإصابة» [٥ / ٥٧١] : (عن المرزبانيّ : أنّه ضرب عبد الله بن الحجّاج بن المحصن في الخمر ، فلم يكن من عبد الله إلّا أن جاء ليلا إلى كثيّر فضربه على وجهه ضربة أثّرت فيه ، ثمّ هرب).
أمّا علويّ .. فلم يهرب ، ولكنّ القاضي هرب ـ إذ عزّه الإنصاف في الدّنيا ـ إلى الآخرة يطلبه فيها ، وعند الله تجتمع الخصوم.
وذكر أبو العبّاس المبرّد في «الكامل» [٢ / ٥٦٢] : (أنّ رجلا من الأعراب تقدّم إلى القاضي سوّار بن عبد الله في أمر ، فلم يصادف عنده ما يحبّ ، فاجتهد فلم يظفر بحاجته ، قال : فقال الأعرابيّ ـ وكانت في يده عصا ـ [من السّريع] :
رأيت رؤيا ثمّ أوّلتها |
|
وكنت للأحلام عبّارا |
بأنّني أخبط في ليلتي |
|
كلبا فكان الكلب سوّارا |
ثمّ انهال بعصاه على سوّار فلم يزل يضربه حتّى منع منه ، فما عاقبه سوّار بشيء).
وكان السّيّد علويّ المشهور شهما وقورا ، ركين المجلس ، جميل الشّارة ، عذب الكلام ، كثير الرّحلات إلى الحجاز والهند والسّواحل الأفريقيّة ومصر وجاوة ، وفيها جرت له قضيّة مع شيخنا الوالد عثمان بن عبد الله بن عقيل ؛ وذلك أنّه أثنى عليه بحضرة المستشرق الهولنديّ المسمّى (سنوك) (١) فرغب في الاجتماع به ، ولمّا حضر
__________________
سنة كاملة إلى عام (١٣٥٢ ه). وكانت وفاته بإندونيسيا سنة (١٣٨٤ ه).
(١) هو مستشرق هولندي ، اشتهر بسنوك ، واسمه الكامل كرستيان سنوك هرخونيه ، ولد سنة (١٢٧٣ ـ ١٨٥٧ م) ، ومات سنة (١٣٥٥ ه ـ ١٩٣٦ م). تعلم في ليدن وستراسبورج ، ودخل الحجاز وأقام بجدة أشهرا ، وتسمّى بعبد الغفار ، ودخل مكة ، وكتب دراسات ضافية عن علماء جاوة المقيمين بها ، وكان جلوسه في «سوق الليل» لمدة (٥) أشهر .. ثم بعد انكشاف أمره .. سار إلى بتاوي ومكث بها (١٧) سنة. ثم عاد إلى بلاده وعين أستاذا للعربية بجامعة ليدن ، ثم مستشارا في