تريم بن حضرموت .. فلن تكون إلّا كبيرة من البدء ؛ لكبر شأنه ، وضخامة دولته (١).
أمّا ما جاء أنّ بتريم أربعين مسجدا .. فمحمول على ما قبل وفاة الشّيخ علويّ بن محمّد بمدّة ، وكانت وفاته سنة (٦٦٩ ه) ، أمّا بعد فقد تعدّدت فيها المساجد بكثرة مفرطة ، وأكثر العلويّون من بنائها.
وكنت أستشكل ذلك بما سبق عن ابن الخطّاب وبما ذكره السّيوطيّ في كتابه «هدم الجاني» (٢) من أنّه لا يجوز بناء مسجد بجانب مسجد قديم من غير حاجة إلى البناء ولا زحمة في القديم بين المصلّين. حتّى قال لي والدي ـ رضوان الله عليه ـ : إنّ الغرض من كثرة تلك المساجد الصّغيرة .. إنّما هو : العزلة والاعتكاف وأداء النّوافل المطلوبة شرعا في المساجد كما كان أبو بكر ابتنى مسجدا بفناء داره مع وجود المسجد الحرام ، أمّا جماعة الصّلوات .. فلم تكن إلّا في مساجد معلومة لا تتعدّد إلّا بمقدار الحاجة ؛ كمسجد آل أحمد المعروف اليوم ب : «مسجد باعلويّ».
وأوّل «رباط» بني بتريم هو رباط الشّيخ إبراهيم بن يحيى بافضل ، المتوفّى سنة (٦٨٤ ه) ، قال الخطيب في «جوهره» : (وكان يقيم به على التّوكّل في جماعة من فقرائه).
وفي الحكاية (٣٣) منه : (أنّ الشّيخ محمّد بن عثمان الشّمهونيّ ـ نسبة إلى شمهون ، قرية من قرى ظفار ـ قدم على أولاد الفقيه إلى تريم ، فتلقّاه علويّ وعبد الرّحمن ، ولمّا تقدّم عبد الرّحمن إلى الدّار لتهيئة الضّيافة .. تقدّم الشّيخ إبراهيم يحيى بافضل فطلب من علويّ بن الفقيه أن يؤثره بالشّمهونيّ ذلك اليوم ، فأطاعه ، فذهب به إلى رباطه ، وأنزله فيه) اه
والمفهوم من أمثال هذا أنّه كان رباطا حقيقة ، غير أنّ من لا أذكر اسمه الآن من
__________________
(١) الجدير بالتنبيه أن تريم لم تمر في دور واحد في عمارتها .. بل مرت في أدوار عديدة ، ذكرها العلامة القاضي عمر بن أحمد بن عبد الله المشهور في رسالته : «بغية من تمنّى في توضيح بعض معالم تريم الغنّا».
(٢) واسمه : «هدم الجاني على الباني» ، مطبوع ضمن «الحاوي للفتاوي» (١ / ١٧٧ ـ ١٩٣).