ولكن لم يبارك الله فيهم ولا في أعقابهم ، وكان بينهم وبين بعض المشايخ الزّبيديّين آل الحوطة نزاع وضراب ، حتّى لقد شجّوا مرّة رأس السّيّد حسين بن محمّد الحسنيّ هذا ، وتمغثوه ، فلم يثأر له أولاده على وفرة عددهم وقوّة أجسام بعضهم ، ولم تغنه كثرتهم.
ومن ذرّيّة السّيّد يوسف بن عابد : العارف الكامل والسّالك الواصل يوسف بن عبد الله الفاسيّ ، وقد انتقل من مريمه إلى سيئون وتديّرها. أثنى عليه سيّدي الأستاذ الأبرّ في (ص ٥٨ ج ٢) من «عقده» ثناء جميلا.
وفي كلام الحبيب أحمد بن عمر بن سميط أنّه أفضل من الأوّل ، ومن أعقابه بسيئون : الشّهم الجواد السّيّد عبد الله بن علويّ المشهور ، سكن سيئون وكانت له ثروة ينفق منها في سبيل الخيرات بسرور نفس ، وطيبة خاطر ، يصحّ فيه قول ابن جدّه الشّريف الرّضيّ [في «ديوانه» ٢ / ٤٠٣ من الطّويل] :
كثير ارتياح القلب في عقب جوده |
|
إذا جائد ألقى يدا في التّندّم |
توفّي بسيئون سنة (١٣٢٩ ه) ، وترك ولدين لم يحسنا سياسة تلك الثّروة ، ثمّ تأكّلها القضاة والأوصياء ، فاضمحلّت أو كادت.
وقد مرّ قبيل القطن أنّ إمارة مريمه كانت لبني بكر من يافع ، ثمّ أجلتهم الدّولة منها في سنة (١٢٨٤ ه) ، واستولت على أموالهم بها ، وكانت لهم ذمّة من آل زيمة الكثيريّين فلم تبال بهم ، وعيّرهم النّاس حتّى الصّبيان فصبروا.
وفي شمال تربة مريمة كان مدفن السّلطان عبد الله بن راشد (١) ؛ لأنّه كان قتل على مقربة منها.
__________________
(١) السلطان الصالح العالم عبد الله بن راشد بن شجعنه بن فهد بن أحمد بن قحطان .. ولد سنة (٥٥٣ ه) ، وتوفي مقتولا سنة (٦١٦ ه) ، ولي الحكم عام (٥٩٣ ه) عقب مقتل أخيه شجعنه.
وكان عصره أحسن عصور حضرموت التاريخية ؛ إذ كان فقيها محدثا عالما ، طلب العلم بمكة وغيرها ، فجمع الحديث على ابن أبي الصيف والحافظ عبد الغني المقدسي والحافظ ابن عساكر ، وقرأ «صحيح البخاري» على الفقيه محمد بن أحمد بن أبي النعمان الهجريني .. وإليه ينسب وادي حضرموت ، ويقال : وادي ابن راشد. ينظر : «الأدوار» (١١٠) ، «الحامد» (٢ / ٤١١).