قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

تحمیل

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

743/1110
*

وإن قصرت ذرعان قوم بحادث

تلقّاه من آرائهم كاهل عبل

تلذّ لنا أخبارهم وتذيبنا

فواعجبا منها تمرّ كما تحلو

يذكّرنيهم كلّ ممسى ومصبح

فما زال في خدّي لتذكارهم طلّ

ومن أواخر ما رأيت من بهجة القرن ونضارته : أنّني أصعد ذروة داري بعد المغرب سنة (١٣٥٥ ه‍) ، وهي سطح صغير قاصر الجدار ، يسافر الطّرف من ثلاث نواحيه ، إحاطة ثلثي الدّائرة ، كأنّها الكواكب المنتثرة ، والشّبّان أوزاع ، والفرح مخيّم على سائر البقاع ، فأستغرق في ذلك الجمال الباهر ، واللّذّة الّتي تحمي النّوم عن السّامر والسّاهر ، ثمّ عدت إلى مثل ذلك في سنة (١٣٦٣ ه‍) فكنت كما قال الرّضيّ [في «ديوانه» ١ / ٦٥٤ من الطّويل] :

نظرت الكثيب الأيمن اليوم نظرة

فردّت إليّ الطّرف يدمى ويدمع

إذ قد أدبر العيش ، وكرّ من الإدبار جيش ، وأديل النّور بالظّلام ، فلا سمر ولا غناء ولا سراج ولا كلام ، وكأنّما كلّ ذلك من الأحلام ، وما هو إلّا ببعض ما اكتسبوا ، ويعفو عن كثير والسّلام.

ولّى الزّمان وولّت الأيّام

فعلى المنازل والنزيل سلام (١)

ثمّ إنّي بعد أن خبت المصابيح ، وأوحشت السّطوح والمراويح .. هجرت الذرى ليلا ، وجعلت أتسنّمها غديات الخريف ، وأسرح النّظر من الجهات الثّلاث تاليا ما تعوّدته من الأوراد في الظّلّ الظّليل ، والجوّ البليل ، والرّيح العليل ، والفضاء الرّحب ، والهواء الطّلق الشبيه بنعيم الجنّة ، لا يمتاز به أحد ، وإنّما هو كجمال الأفلاك وأنوارها ، ما يكون منه عند هؤلاء .. يكون عند الآخرين ، ولهذا ينتفي التّحاسد عليه ؛ لأنّ النّاس مشاع فيه ، فأرى النّخيل الباسقة ، والقصور البيضاء الشّاهقة ، فأستغرق في النّعمة ، وأنبسط من البهجة ؛ إذ يظهر حينئذ ما يدهش العقل

__________________

(١) البيت من الكامل ، وهو للإمام عبد الله بن علوي الحداد في «ديوانه» (٤٧٤).