عينه ؛ لأنّه وإن كان من سادات العارفين الّذين لا تبقى لهم مع الله إرادة .. لم ينس مقام الرّحمة ، بل وفّى كلّا حقّه ، كما قلت عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم من مطوّلة نبويّة [في «ديوان المؤلّف» ١٤٤ ـ ١٤٥ من الكامل] :
واذكر مصارع آله فهم الألى |
|
يتقدّمون إذا الفوارس أحجموا |
فلطالما حزن النّبيّ لجعفر |
|
ولعمّه وهو الكميّ المسلم (١) |
وبكى عبيدة يوم بدر قبلهم |
|
عيناه تدمع والفؤاد مسلّم (٢) |
وقلت في رثائي لثمرة الفؤاد ولدي بصريّ السّابق ذكره في ذي أصبح [من الكامل] :
هذا الكمال فلو أخلّ بمظهر |
|
لأتى إلى أخلاقه يتذمّم |
وقلت من أخرى :
وما زال حرب بين صبري ورحمتي |
|
وإنّي لراج فيهما كامل الأجر (٣) |
وقد أنكروا فعل الفضيل ومشيه |
|
لدفن ابنه في حبرة ضاحك الثّغر (٤) |
وخير الورى في غير ما موقف ذرى |
|
وبلّ الثّرى دمعا يفوق على الدّرّ |
أمّا سيّدنا الأستاذ الأبرّ .. فلو رآه أكبر أديب بذلك اليوم الرّهيب .. لما خرج عن قول حبيب [في «ديوانه» ١ / ١٢٣ من الكامل] :
ورأيت غرّته صبيحة نكبة |
|
جلل فقلت : أبارق أم كوكب؟! |
ومع ذلك فقد وفّى حقّ المقامين يومئذ فأذال الدّمع باديا ، ثمّ لجأ إلى التّبسّم
__________________
(١) جعفر : هو سيّدنا جعفر الطّيّار بن أبي طالب ، استشهد في غزوة مؤتة. لعمّه : هو سيّدنا حمزة بن عبد المطّلب ، استشهد في غزوة أحد. الكمّي : الشّجاع. المعلم : المشهور.
(٢) عبيدة : هو عبيدة بن الحارث الصّحابي ، من آل بيت النّبوّة ، استشهد في يوم بدر ، عليه رحمات الله.
(٣) الأبيات من الطويل ، وهي في «ديوان المؤلف» ق (٩٦).
(٤) فعل الفضيل : هو ما رواه غير واحد ؛ منهم الحافظ أبو نعيم في «الحلية» (٨ / ١٠٠) قال : عن أبي عليّ الرّازيّ قال : (صحبت الفضيل بن عياض ثلاثين سنة ، ما رأيته ضاحكا ولا متبسما إلّا يوم مات ابنه عليّ ، فقلت له في ذلك! فقال : إنّ الله عزّ وجلّ أحبّ أمرا .. فأحببت ما أحبّ الله).