ريال ، ولمّا احتاج ورثته لبيعها .. لم تنفق إلّا على واحد من آل باهرمز بألفين من الرّيالات فقط ؛ لأنّ آل شبام ـ بما بقي في قلوبهم من هيبة الدّين والورع ـ تحاموها ، وإلى الآن وهم يتحامون عن شراء التّمر الّذي يجمعه من المكس صاحب السّدّة ؛ مع أنّه أرخص من غيره بثلث القيمة.
وبلغني أنّ لبعضهم رسائل في سير آل شبام وأخبارهم الشّاهدة بالتّقوى والورع ، وهي من أنفع ما يكون لهم لو تدارسوها على عادتهم في درس يوم الثّلاثاء الّذي رتّبه الحبيب أحمد بن عمر بن سميط ، ـ متنقلا في ديارهم ؛ سياسة في حضورهم ـ ؛ إذ هي خير حافز للأحفاد على ترسّم آثار الأجداد ، ومن كلامه المنثور : إنّ شباما كانت بلاد المنقود (١) ، وأنّ أحد أهل شبام أخذ دراهم من أحمد ناصر اليافعيّ ، فهجروه حتّى ردّها.
وأنّ ثمانين حملا من الحوير وردت شباما ، وفيها حمل لأحد آل كثير بن سلامة ، فاشتروها بأسرها إلّا ذلك الحمل لم يأخذه أحد وعاد به صاحبه.
وفي كلامه ثناء كثير على محمّد بن عوض باذيب ، وعلى أخيه عبود ، وأنّه حصل عليهما خلل فشاورا الحبيب عبد الله الحدّاد فقال لهما : بيعا جميع ما معكما ولو لم يخلف لكم إلّا حليّ نسائكم ، فباعاه وقضيا ما عليهما من الدّيون ، وبقيت ثلاث مئة ريال ، فذهبا إلى الحاوي ، ولمّا وصلا .. قال محمد لعبود : إن وافقتني .. أعطينا الحبيب عبد الله مئة واقتنعنا بالمئتين ، فوافقه ، فقبلها الحبيب وأشار على محمّد بالسّفر إلى الشّحر ، وبقي يتردّد إليها ، ويقيم بها شهرين أيّام الموسم ، ويمرّ في ذهابه وإيابه بالحاوي.
ولمّا علم الحبيب عمر البارّ بقصّة المئة .. قال لمن حضره : أيصحّ أنّ أحدا يتصدّق بثلث ماله؟! وكان عنده دلّال من آل باخيضر. فقال : إن كان من آل شبام .. فنعم.
__________________
(١) أي : أن أهلها ينتقدون ما خالف الشرع والأدب.