(أربع) في (مررت بنسوة أربع) فإنه موضوع لمرتبة معينة من مراتب العدد ، فلا وصفية فيه بحسب الوضع ، بل قد تعرض له الوصفية كما في المثال (١) المذكور فإنه لما أجرى فيه على (النسوة) التي هي من قبيل المعدودات (٢) لا الإعداد علم أن معناه (٣) : مررت بنسوة موصوفة بالأربعيّة وهذا معنى وصفي عرض له في الاستعمال لا أصلي بحسب الوضع والمعتبر في سببية منع الصرف هو الوصف الأصلي لأصالته لا العرضي لعرضيته ، فلذلك قال المصنف : (شرطه) أي : شرط الوصف في سببية منع الصرف (أن يكون وصفا في الأصل) الذي هو الوضع (٤) بأن يكون وضعه على الوصفية لا أن تعرض
__________________
ـ وصفا ؛ لأنها تدل على ذات مبهمة مأخوذة مع الذكورة والأنوثة فيلزم أن يكون مثل إنسان وفرس وحيوان وحجارة وتجارة وكتابة وصفا له ، وليس كذلك. (عصمت).
(١) يفهم من هذا الكلام أن الوصفية إنما تعرض الأسماء العدد إذا جعلت نعتا لمعدوده ، وأطلقت عليه دون سائر استعمالاته مع أن كل اسم عدد استعمل مع مميزه يراد منه حينئذ ذات ما له ذلك المرتبة من مراتب العدد ، فيكون أكثر استعمالات العدد بل جميعها في معنى الوصفية. (بخاري).
(٢) وصف بأربع دفعا لتوهم أن النسوة لما كانت من ذوات العقول توهم أنها لم تعد ؛ لأن العدد لا يكون معدودا. (توقادي).
(٣) فإن قيل : لم فسر الشارح معنى الأربع بأن معناه مررت بنسوة موصوفة بالأربعة ، قلنا : لأنه صفة النحوي ، والصفة النحوي ينبغي أن يكون محمولا على الموصوف والأربع لا يمكن أن يحمل على النسوة ؛ لأنها جوهر والأربع عرض ، والعرض لا يمكن أن يحمل على الجوهر ، فاحتاج إلى تفسير هذا المعنى. (كفاية).
فإن قلت : جعل المصنف أربعا دليلا لاشتراط أصالة الوصف في منع الصرف ، وجعل اشتراط الأصالة دليلا لصرفه ، فيلزم منه الدور ، قلت : لا نسلم لزوم الدور ، فإن اشتراط الأصالة سبب لصرف أربع ولكن صرفه ليس سببا لاشتراط الأصالة ، بل إن جعل صرفه نظيرا ليفهم منه المتعلم اشتراط الأصالة انتقالا من الأثر إلى المؤثر.
(٤) نقل عن الشارح في الحاشية ، وإنما كان الوضع أصلا لتفرع الدلالات الثلاث المعتبرة عليه ، انتهى. وإذا كانت الدلالة الثلاث المعتبرة في باب الإفادة ، والاستفادة متفرعة عليه صحّ نسبة الوضع الذي هو كون الاسم دالا على ذات مبهمة مأخوذة مع بعض صفاتها بقي في قوله :
أن يكون في الأصل لتنزيل اشتمال الأصل على في الفرع منزلة اشتمال الظرف على المظروف ، ثم ههنا أن يجعل الوضع أصلا بالنسبة إلى الاستعمال حتى يكون الوصفية التي بمقتضى الوضع أصلية والوصفية التي يعرض بحسب الاستعمال غير أصليته إلا أن الاستعمال لما كان باعتبار أحد الدلالات الثلاث أثبت الأصالة بالنسبة إلى الدلالة يظهر منشأ أصالة الوضع على الاستعمال. (عصمت ، بخاري).