بالله فلا يصدّق ، فقال له هشام : اخرج عني ، قال : إذا لا تراني إلّا حيث تكره ، فلما خرج من بين يدي هشام قال : من أحب الحياة ذلّ فقال له الحاجب : أبا الحسين لا يسمعن هذا منك أحد ، فقال محمد بن عمير : إن أبا الحسين لما رأى الأرض قد أطرقت جورا ورأى قلة الأعوان ، وتخاذل الناس كانت الشهادة أحبّ الميتات إليه ، فخرج وهو يتمثل بهذين البيتين :
إنّ المحكم ما لم يرتقب حسدا |
|
لو يرهب السيف أو وخز القنا هتفا |
من عاذ بالسّيف لاقى فرجة عجبا |
|
موتا على عجل أو عاش فانتصفا (١) |
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأ أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، قال : قال عميّ مصعب بن عبد الله (٢) : كان هشام بعث إليه فأخذ بمكة هو وداود بن علي واتهمهما أن يكون عندهما مال لخالد بن عبد الله القسري حين عزل خالدا فقال كثيّر (٣) بن كثير بن المطّلب بن أبي وداعة السهمي حين أخذ داود بن علي وزيد بن علي بمكة (٤) :
يأمن الظبي والحمام ولا يأ |
|
من آل النبيّ عند المقام |
طبت بيتا وطاب أهلك أهلا |
|
أهل بيت النبي والإسلام |
رحمة الله والسلام عليكم |
|
كل ما قام قائم بسلام |
حفظوا خاتما وجرّ رداء (٥) |
|
وأضاعوا قرابة الأرحام |
قال : ويقال إن زيدا بينما هو على باب هشام في خصومة عبد الله بن حسن في الصدقة ، ورد كتاب يوسف بن عمر في زيد ، وداود بن علي بن عبد الله بن العباس ، ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، وأيوب بن سلمة ، فحبس زيد وبعث إلى
__________________
(١) الخبر والبيتان في بغية الطلب ٩ / ٤٠٣٥ ، والبيتان في سير الأعلام ٥ / ٣٩٠ قالهما لما انتهره هشام وكذّبه.
(٢) انظر الخبر والشعر في نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٦٠ ـ ٦١.
(٣) ضبطت عن الاكمال ٧ / ١٦٢ وكثير الثانية بفتح فكسر.
(٤) انظر المصدرين السابقين ، والحيوان للجاحظ ٣ / ١٩٤ والبيان والتبيين ٣ / ٢٠٢.
(٥) ضبطت بالأصل بفتحتين ، وفي نسب قريش : وسحق رداء.