السكن الواسطي ، نا خالد بن عبد الله ، عن عبيد بن محمد ، وهو ابن علي بن أبي طالب ، قال : كان زيد بن علي يدعو وكان من دعائه : اللهم إني أسألك سلوّا عن الدنيا ، وبغضا لها ولأهلها ، فإن خيرها زهيد ، وشرها عتيد ، وجمعها ينفذ وصفوها يرنق ، وجديدها يخلق وخيرها ينكد ، وما فات منها حسرة ، وما أصيب منها فتنة ، إلّا من نالته منك عصمة ، أسألك اللهم العصمة منها ولا تجعلنا كمن رضي بها ، واطمأن إليها فإنّ من أمنها قد خانته ، ومن اطمأن إليها قد فجعته ، فلم يقم في الذي كان فيه منها ، ولم يظعن به عنها ، أحصى للعذاب ومنزلته ، وموت بالعذاب وشدته ، فلا الرضا له بقي ، ولا السخط منه نسي ، انقطعت لذة الاسخاط عنه ، وبقيت شقوة الانتقام منه ، فلا خلد في لذة ، ولا سعد في حياة ، ولا نعشة بموت ، ولا نفسه أحببت بشره. أعوذ بك اللهم من مثل عمله ومثل مصيره.
ثم قال : كم لي من ذنب وسرف بعد سرف قد ستره ربي ، وما كشف ، ثم قال : أجل أجل ستر ربي فيه العورة ، وأقال فيه العثرة حتى أكثرت فيه من الإساءة ، وأكثر ربي فيها من المعافاة وحتى أني لأخاف أن أكون مستدرجا ، إني لأستحيي من عظمته أن أفضي إليه بما أستخفي به من عبد له ، وبما أنه ليفضح من هو خير مني فيما هو أدنى منه ، ثم ما كشف ربي لي فيه سترا ، ولا سلّط علي فيه عدوا ، فكم له في ذلك من يد ويد ما أنا إن نسيتها بذكور ، وما أنا إن كفرتها بشكور ، وما ندمت عليها إذ لم أعتبك منها. ربّ لك العتبى بما تحب وترضى ، فهذه يدي وناصيتي ، مقرّ بذنبي ، معترف بخطيئتي ، إن أنكرها أكذب ، وإن اعترف بها أعذب.
قال أبو العلاء : وزادني محمد بن إبراهيم : إن لم يعف الرب ـ وقال عمر بن السكن : إن لم يغفر الذنب ـ فإن يغفر فتكرّما (١) وإن يعذب فبما قدّمت يداي ، وانّ الله ليس بظلّام للعبيد ، [فهو] المستعان لا يزال يعين ضعيفا ، ويغيث مستغيثا ، ويجيب داعيا ، ويكشف كربا ، ويقضي حاجة ذي الحاجة في كل يوم وليلة ، ثم قال : أجل أجل أنت كذاك وخير من ذاك.
قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي المعالي محمد بن
__________________
(١) بالأصل : فربما ، وفي م : «فإن تغفر فربما» والمثبت عن تهذيب ابن عساكر.