بلغني عن محمّد بن خلف ـ وكيع : أن أبا حنيفة النعمان بن ثابت ، كان يتولى القيام بضرب لبن المدينة وعدده حتى فرغ من استتمام بناء حائط المدينة مما يلي الخندق. وكان أبو حنيفة يعدّ اللبن بالقصب ، وهو أول من فعل ذلك فاستفاده الناس منه (١).
وذكر محمّد بن إسحاق البغويّ : أن رباحا البناء حدثه ـ وكان ممن تولى بناء سور مدينة المنصور ـ قال : وكان بين كل باب من أبواب المدينة إلى الباب الآخر ميل ، وفي كل ساف من أسواف البناء مائة ألف لبنة واثنتان وستون ألف لبنة من اللبن الجعفري ، فلما بنينا الثلث من السور لقطناه ، فصيرنا في الساف مائة ألف لبنة وخمسين ألف لبنة ، فلما جاوزنا الثلثين لقطناه ، فصيرنا في الساف مائة ألف لبنة وأربعين ألف لبنة إلى أعلاه (٢).
أخبرنا محمّد بن على الورّاق وأحمد بن على المحتسب. قالا : أنبأنا محمّد بن جعفر النّحويّ قال نا الحسن بن محمّد السكوني قال نا محمّد بن خلف قال قال ابن الشروي : هدمنا من السور الذي يلي باب المحوّل قطعة ، فوجدنا فيها لبنة مكتوب عليها بمغرة وزنها مائة وسبعة عشر رطلا. قال : فوزناها فوجدناها كذلك (٣).
قال محمّد بن خلف. قالوا : وبنى المنصور مدينته وبنى لها أربعة أبواب ؛ فإذا جاء أحد من الحجاز دخل من باب الكوفة ، وإذا جاء أحد من المغرب دخل من باب الشام ، وإذا جاء أحد من الأهواز والبصرة وواسط واليمامة والبحرين دخل من باب البصرة ، وإذا جاء الجائي من المشرق دخل من باب خراسان. وذكر باب خراسان كان قد سقط من الكتاب فلم يذكره محمّد بن جعفر عن السكوني وإنما استدركناه من رواية غيره.
وجعل ـ يعني المنصور ـ كل باب مقابلا للقصر وبنى على كل باب قبة ، وجعل بين كل بابين ثمانية وعشرين برجا ، إلا بين باب البصرة وباب الكوفة فإنه يزيد
__________________
(١) انظر الخبر في : المنتظم ٨ / ٧٥.
وقال ابن الجوزي في المنتظم : وقد روي في حديث آخر أن المنصور أراد أبا حنيفة على القضاء فامتنع ، فحلف لا بد أن يتولى له ، فولاه القيام ببناء المدينة وضرب اللبن ليخرج من يمينه ، فتولى ذلك. (المنتظم ٨ / ٧٦).
(٢) انظر الخبر في : المنتظم ٨ / ٧٦.
(٣) انظر الخبر في المنتظم ٨ / ٧٥.