سمعون : أيها الشيخ وأنت تدعو الناس إلى الزهد في الدّنيا والترك لها ، وتلبس أحسن الثياب ، وتأكل أطيب الطعام فكيف هذا؟ فقال : كل ما يصلحك لله فافعله إذا صلح حالك مع الله بلبس لين الثياب ، وأكل طيب الطعام ، فلا يضرك.
حدّثني الحسن بن محمّد الخلّال قال : قال لي أبو الحسين سمعون : ما اسمك؟ فقلت : حسن. فقال : قد أعطاك الله الاسم فاسأله أن يعطيك المعنى.
حدّثنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن المظفر الملاح. قال سمعت ابن سمعون يقول : رأيت المعاصي نذالة ، فتركتها مروءة ، فاستحالت ديانة.
حدّثنا أبو بكر محمّد بن محمّد الطّاهري. قال سمعت أبا الحسين بن سمعون يذكر أنه خرج من مدينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم قاصدا بيت المقدس ، وحمل في صحبته تمرا صيحانيا ، فلما وصل إلى بيت المقدس ترك التمر مع غيره من الطعام في الموضع الذي يأوى إليه ، ثم طالبته نفسه بأكل الرطب فأقبل عليها باللائمة. وقال : من أين لنا في هذا الموضع رطب؟ فلما كان وقت الإفطار عمد إلى التمر ليأكل منه فوجد رطبا صيحانيا : فلم يأكل منه شيئا ، ثم عاد إليه في العشية فوجده تمرا على حالته الأولى ، فأكل منه أو كما قال.
سمعت أبا الحسين أحمد بن على بن الحسين بن البادا يقول سمعت أبا الفتح القوّاس يقول : لحقتني إضاقة وقتا من الزمان ، فنظرت فلم أجد في البيت غير قوس لي وخفين كنت ألبسهما ، فأصبحت وقد عزمت على بيعهما ؛ وكان يوم مجلس أبي الحسين بن سمعون. فقلت في نفسي : أحضر المجلس ثم أنصرف فأبيع الخفين والقوس قال : وكان القواس قلّ ما يتخلف عن حضور مجلس ابن سمعون.
قال أبو الفتح : فحضرت المجلس فلما أردت الانصراف ، ناداني أبو الحسين : يا أبا الفتح ، لا تبع الخفين ولا تبع القوس فإن الله سيأتيك برزق من عنده. أو كما قال.
حدّثني رئيس الرؤساء شرف الوزراء أبو القاسم على بن الحسن قال حدّثني أبو طاهر محمّد بن على بن العلّاف. قال : حضرت أبا الحسين بن سمعون يوما في مجلس الوعظ وهو جالس على كرسيه يتكلم ، وكان أبو الفتح القوّاس جالسا إلى جنب الكرسي فغشيه النعاس فنام ، فأمسك أبو الحسين عن الكلام ساعة حتى استيقظ أبو الفتح ورفع رأسه. فقال له أبو الحسين : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في نومك؟ قال : نعم : فقال أبو الحسين : لذلك أمسكت عن الكلام خوفا من أن تنزعج وتنقطع