(كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا)
فالله يمقتهم فيذلّهم في الدنيا ويضلّ أعمالهم ولا يدعهم يفلحون أبدا. أمّا الذين آمنوا فيمقتونهم فلا ينخدعون بهم ولا يسلّمون لقيادتهم. وهاتان عاقبتان سيئتان لهم. أمّا العاقبة السوءى فهي سلب فرصة الهداية عنهم إلى الأبد ، وذلك بإطفاء شعلة الهدى من قلوبهم.
(كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)
والجبّار هو الذي يسعى لقهر الآخرين والتسلّط عليهم ، وهي من نزعات الملوك والحكّام الظلمة. أمّا المتكبّر فهو الذي لا يتواضع للحق ، ولا يقتنع بواقعه ، إنّما يتصوّر نفسه دائما أكبر من حجمه الحقيقي ، ومن هذه صفته فإنّ قلبه يصير منغلقا فيختم الله عليه بسلب نور العقل والفطرة منه.
والتعبير القرآني دقيق جدا حينما قال : «كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ» ومع أنّ بعضا من المفسّرين قالوا بأنّه يساوي قولنا : قلب كل متكبّر جبّار ، إلّا أنّه يبدو أنّ السياق القرآني أراد بيان حقيقة هامّة هي : إنّ الطبع على القلب تختلف نسبته باختلاف الصفات السلبية عند الإنسان ، فقد يطبع الله بنسبة خمسين بالمائة على قلب الزاني أو السارق ، أمّا المتكبر الجبّار فإنّه يطبع على قلبه كلّه أي مائة بالمائة ، وهذا يكفي لبيان الخلفيّات السيئة جدا لهاتين الصفتين.
[٣٦ ـ ٣٧] ولأنّ بني إسرائيل لم يؤمنوا إيمانا حقيقا في ظلّ يوسف الملك النبي فقد ابتلاهم الله بفرعون يحكم من ذات الأريكة ، وشتّان بين الإثنين ، وحقّا إنّها عاقبة الكفر بالنعمة.
ويوجّهنا السياق هنا إلى النهايات السيئة لهذا التحوّل ، لعلّنا ننتبه الى أنّ