ولهجموا عليها ، وحطموا الحضارة الناشئة فيها.
ولو كان ثمة قانون يمنعهم من ذلك لمنعهم من التقاتل. ان الذي يمنعهم هو القانون الإلهي منذ أيّام إبراهيم (ع) بحيث لو التجأ الصيد الى الحرم ما كانوا يصطادونه احتراما للكعبة ، حتى قال شاعرهم :
والمؤمن العائذات الطير يمسحها |
|
ركبان مكة بين العيل والسلم |
يعني قسما بالله الذي أعطى الأمان للطيور التي تستعيذ بالحرم ، حتى ان القوافل التي تذهب الى مكة ليمس على ظهرها ، ولكن قريش لم يعقلوا هذا العامل الأساسي ، لما يتمتعون به من أمن ورفاه ، لذلك لم يشكروا الله ، ولم يؤمنوا برسالة الإسلام ، ولو أنهم فعلوا ذلك لاستزادوا من الأمن والبركة.
(أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ)
ان أهم النعم لدى أهل مكة كانت هي : الأمن الآتي من حرمة الكعبة ، والرفاه بسبب سيطرة أهلها على التجارة ، وبسبب توافد الحجاج الى البيت الحرام. كانوا يحملون معهم خيرات الأرض بالرغم من أنّ مكة كانت بين جبال وعرة ، وأراض جرداء.
(رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)
لقد ذكرنا مرة ان هناك فرقا بين الرزق والكسب ، فالرزق هو ما يعطيه الله للإنسان هبة وعطاء ، وربما بدون سعي ، بينما الكسب هو ما يعطيه الله له بعد السعي ، والآية تبيّن ان نعمتي الأمن والرخاء التي كانت ولا تزال لأهل مكة ، لم يسع أهلها من أجلها سعيا ، وانما الله هو الذي تفضّل عليهم بهما ، وعدم إدراكهم