أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ
هدى من الآيات :
لقد ساعد غياب الهدهد على التقاء حضارتين عظيمتين في زمانهما ، وهما الحضارة العبرية ويمثّلها سليمان (ع) وهي الحضارة الالهية التي تستمد قيمها من الوحي ، والحضارة العربية وتمثلها بلقيس ، وهي الحضارة الارضية التي تستمد قيمها من عقل الإنسان حينا ، وشهواته في الأغلب.
وكما ان جوهر رسالة الله يختلف عن واقع الثقافة الارضية ـ حسبما ذكّرتنا به سورة الشعراء ـ فان سلوكيات الرسل وشخصياتهم تختلف عن شخصيات وسلوكيات أصحاب ثقافة الأرض ، فمع ان سليمان (ع) كان ملكا ومن عادة الملوك الاستعلاء والفساد استجابة لاغراءات الملك ، الا انه كان ملكا صالحا مترفّعا عن كل الرذائل ، وهكذا يكون الملك حين يتّصل بالرسالة الالهية مثالا ساميا للسلوك الفاضل ، وان دلّ هذا على شيء فانما يدل على ان قدرة الرسالة تفوق الظروف ، وان الروح المعنوية التي تبعثها في كيان الفرد ، تجعله فوق المتغيّرات والمؤثرات السلبية في