أمشاط الحديد فشقّوا بها لحمهم من أبدانهم ، فذلك ما قال الله : «فَوَقاهُ اللهُ» يعني خربيل «سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا» لما وشوا إلى فرعون ليهلكوه «وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ» وهم الّذين وشوا لخربيل إليه لمّا أوتد فيهم الأوتاد ومشط عن أبدانهم لحومهم بالأمشاط (٩)
وقد تقتضي المصلحة أحيانا ان لا يعيش الفرد الرسالي مع المحرومين في مكان واحد ، بل يبحث له عن بيت سعيد ، يميل إلى الرفاه من أجل إخفاء شخصه ، ولكن لا ينبغي ان ينعكس ذلك على إيمانه وشخصيته الحقيقية أبدا.
والرسالي الذي يمارس هذا الدور يجب ان لا يظهر ارتباطه بالحركة أو القيادة الرسالية حتى لا يفتضح أمره ، والقرآن يعبر عن مجيء الرجل من أقصى المدينة بالسعي ، وهو الإسراع ، وقد جاء مسرعا وذلك حتى يتدارك الأمر قبل ان يقع موسى في يد السلطة من جهة ، وحتى يسبق جلاوزة النظام للمكان ، وبالتالي لا يرى وهو يؤدّي واجبه الرسالي ، حيث لا يقول ربنا سبحانه : يركض أو يسرع. هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لم تكن سرعته بالشكل الذي يلفت انتباه الآخرين ، إذ من الخطأ عند ما يكون عند الفرد الرسالي أمر هام أن يظهر في صورة غير عادّية أمام الآخرين.
وهنا لا ننسى أيضا أثر الوقت في كثير من المهامّ ، فقد يستدعي الأمر أحيانا أن يرسل الواحد للآخر إشارة فقط ، أو لا أقل يختصر الكلام ليكون الوقت في صالحه بشرط ان يكون الاختصار نافعا.
(قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)
__________________
(٩) بحار الأنوار / ج (٧٥) / ص (٤٠٢).