الاشتراك فالمشترك عند الإطلاق يحمل على أظهر معانيه وأشهرها وإن اشترك الكلّ في الوضع ، وقوله (عليه السلام) «إلى أهله» لا يصرفه عن المعنى المعروف فإنّه صيرورة مخصوصة مع احتمال التضمين وحمل «إلى» على معنى «مع» كما في قوله تعالى «من أنصاري إلى الله» (١) هذا كلّه على نسخة يبيت بالإثبات.
وأمّا نسخة النفي فالمراد بها عدم البيتوتة إلى أهله في قريته لا في بلده جمعاً بين النسختين ورفعاً للتناقض بين الحكمين ونسخة النفي نسخة معتبرة قد اتفق عليها جميع نسخ «التهذيب (٢)» في كتاب الصوم ، فلا ينبغي عدم الالتفات إليها ولا الحكم بعدم صحّتها مع إمكان توجيهها وحملها على معنى صحيح مطابق لنسخ الإثبات ، فإنّ عدم البيتوتة في القرية في معنى البيتوتة في البلد كما أنّ البيتوتة في البلد في معنى عدم البيتوتة في القرية ، فيتوافق النفي والإثبات في المعنى المراد ويرتفع التناقض بينهما باختلاف المتعلّق. وإرادة القرية من الأهل وإن بعد كما مرّ إلاّ أنّه لا بدّ منه هنا في تصحيح الكلام فيتعيّن الحمل عليه.
وقد يحمل هذه النسخة على إرادة عدم المبيت إلى أهله في بلده ليثبت له البيتوتة في القرية فلا يكون راجعاً ليومه ويكون الحكم بعدم الترخّص لفقد الشرط الّذي هو الرجوع لليوم فيوافق الإثبات في اشتراط ذلك ، ويضعّفه انتفاء الفائدة في ذكر القرية على هذا القدر ، إذ لا يتفاوت الحال حينئذ بين أن يكون السفر إلى قرية أو غيرها من المنازل فيلغو اعتبارها في هذا السفر إلاّ أن يكون الغرض منه عدم انقطاع السفر بمجرّد الملك وهو بعيد جدّاً ، والحديث كالصريح في استناد الحكم بنفي القصر والإفطار إلى قصد القربة دون غيره ، فالوجه ما تقدّم.
وأمّا احتمال السير الامتدادي فهو على هذه النسخة وإن كان أقرب منه على الأُولى لسقوط الوجه الأوّل من وجوه التلفيق على هذا التقدير ، إلاّ أنّ الوجوه
__________________
(١) آل عمران : ٥٢.
(٢) تهذيب الأحكام : في حكم المسافر والمريض في الصوم ج ٤ ص ٢٢٢ ح ٦٥٠.