آخر «ما يُبيّت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عدوّاً» (١) وفي آخر «إذا بيّتم فقولوا حم لا يُنصرون» (٢) وتبييت العدوّ هو أن يقصد بالليل فيؤخذ بغتة ، وعليه قوله (عليه السلام) «لا يأمن البيات من عمل السيئات» (٣) ومن كلامهم «ماله بيت ليلة وبيتة ليلة» بكسر الباء أي قوت ليلة (٤) ، وبتّ عنده في مبيت صدق وبيتوتة طيّبة وأباتك الله إباتة حسنة وبيّتك الله في عافية (٥).
وفي «الغريبين» وسمّى البيت بيتاً لأنّه يبات فيه. وفي «الأساس (٦)» من المجاز قول بدوي لآخر : هل لك بيت؟ أي امرأة ، وبات فلان إذا تزوّج وبنى فلان عليه بيتاً إذا أعرس ، وتزوّجت فلانة على بيت أي على فرش يكفي البيت. ولم يذكر فيه البيتوتة بمعنى الصيرورة لا في الحقيقة ولا في المجاز وكذا استعمالها في النهار ، مع أنّ هذا الكتاب مؤسّس على ذكر المجاز والفرق بينه وبين الحقيقة.
وبالجملة ، فاستعمال البيتوتة في غير الليل ليس بثابت ، وقوله (عليه السلام) : «أين باتت يده» (٧) ليس نصّاً فيه ، ولو ثبت فالاستعمال أعمّ من الحقيقة والمجاز ، ولا دلالة للعامّ على الخاصّ فيحمل على المجاز لرجحانه على الاشتراك وشيوع استعمالها في الليل واشتهارها ، وقد نصّ في «المصباح (٨)» على أنّ الاختصاص بالليل هو الأشهر ، وقول الصاحب تستعمل في النهار أيضاً يشعر بذلك ، فيتوقّف إرادته على القرينة ، وهي منتفية هنا مع القطع لعدم إرادة خصوص النهار ، وإلاّ لكان الشرط في التقصير الرجوع لغير اليوم ، وهو خلاف الإجماع ، لو ثبت
__________________
(١) مجمع البحرين : ج ٢ ص ١٩٤ مادّة «بيت».
(٢) سنن الترمذي : ج ٤ ص ١٩٧ ح ١٦٨٢ ، والنهاية لابن الأثير : ج ١ ص ١٧٠ مادّة «بيت».
(٣) مجمع البحرين : ج ٢ ص ١٩٤ مادّة «بيت».
(٤) الصحاح : ج ١ ص ٢٤٥ مادّة «بيت».
(٥) أساس البلاغة : ص ٥٦ مادّة «بيت».
(٦) أساس البلاغة : ص ٥٦ ـ ٥٧ مادّة «بيت».
(٧) الترمذي : ج ١ ص ٣٦ ح ٢٤ ، وسنن أبي داود : ج ١ ص ٢٥ ح ١٠٣.
(٨) المصباح المنير : ص ٦٧ مادّة «بات».