التحديد وذكر الشرائط وحصر المستثنيات مع عدم تعقّل فائدة لهذا القيد سوى اعتباره في الحكم ، والبيتوتة إلى الأهل تستلزم الرجوع للنوم ، فإنّ المراد بها البيتوتة في الليلة المتصلة بيوم الخروج ، وهذه البيتوتة لا تتحقّق إلاّ بالرجوع ليومه ، سواء أُريد بها البيتوتة في جميع الليل ـ كما هو الظاهر والمطابق بظاهر قول أهل اللغة (١) : مَن أدركه الليل فقد بات ، فينطبق على ظاهر الأكثر في المعنى المراد باليوم ـ أم لا ، بل اكتفى فيها ببعض الليل كما يشهد له صدق البيتوتة في العرف ،ويؤيّده الروايات المتضمّنة لحصول المبيت بمنى ليالي التشريق (٢) إذا بات بها أكثر الليل أو بعضاً منه ، فيصحّ على القول بأنّ اليوم هو مجموع اليوم والليلة.
ولا فرق في ذلك أيضاً بين أن يراد بالبيتوتة حقيقة البيتوتة أو إرادتها أو التمكّن منها ، فإنّ الاستلزام ثابت على الجميع. أمّا على الأوّلين فظاهر ، لأنّ شرط القصر عندهم كلا الأمرين ، فاشتراط أحدهما يستلزم اشتراط الآخر لعدم القول بالفصل. وأمّا الثالث فلأنّ التمكّن من حيث هو تمكّن ليس بمراد قطعاً فإنّ القائل باشتراط الرجوع ليومه لا يكتفي به والنافي لاشتراطه لا يشترط ، فلو كان المراد به ذلك كان مضمون الرواية مخالفاً للإجماع ، فهو على تقدير الحمل عليه لم يقصد لنفسه بل لكونه كناية عن أحد الأمرين الأولين فيرجع التمكّن إلى ذلك ويكون المدار عليه دون غيره. وإذا كان البيتوتة إلى الأهل مستلزمة للرجوع لليوم كان اشتراطها في سفر الخارج إلى قريته مستلزماً لاشتراطه فيه ، فإنّ اشتراط الملزوم يستلزم اشتراط اللازم ، ومعلوم أنّ الرجوع لليوم ليس شرطاً لنفي الترخّص في هذا السفر فإنّه مع عدم صلاحيته لذلك خلاف المستفاد من الحديث من استناد عدم الترخّص إلى الخروج إلى القرية القاطعة للسفر ، فوجب أن يكون شرطاً في تحقّق هذا السفر بمعنى اشتراطه في كونه سفراً موجباً للقصر والإفطار لولا
__________________
(١) تقدّمت عباراتهم في ص ٤٠٠.
(٢) وسائل الشيعة : ب ١ من أبواب العود إلى منى ج ١٠ ص ٢٠٦.