قريته (١). وأنت بما قرّرناه لا تستريب في أنّ ذلك هو المعنى الظاهر في هذا الكلام بل الوجه المتعيّن فيه.
وإذا تحقّقت ذلك تبيّن لك دلالة الحديث على اشتراط الرجوع لليوم فإنّه لم يكتف في صيرورة هذا المسير سفراً بمجرّد الرجوع بل اعتبر فيه البيتوتة إلى الأهل فهي في معنى الرجوع لليوم فيكون شرطاً في التلفيق وهو المطلوب.
وتحقيق ذلك أنّ قوله (عليه السلام) «يبيت إلى أهله» إمّا حال من ضمير الفاعل في خرج على اعتبار الإرادة أو إرادة التمكّن ، والمعنى خرج من أهله إلى قريته وهو يريد المبيت إلى أهله أو وهو متمكّن من البيتوتة إليهم ، وذلك لأنّ الحال يجب أن يكون مقارناً لعامله في الآن والبيتوتة إلى أهله بالرجوع ليست مقارنة للخروج ، فالمراد إمّا إرادتها المقارنة كما في قولك : خرج من بيته يشتري اللحم أو يتعلّم العلم أي يريد ذلك ، أو التمكّن من البيتوتة بالعود ليومه فإنّه مقارن للخروج وإن تأخّر المبيت ، ويحتمل البناء على التوسّع في المقارنة المعتبرة في الحال وتنزيل المقارب بمنزلة المقارن فإنّ المبيت إلى الأهل لقربه من الخروج جاز أن يعدّ مقارناً له عرفاً ، فيصحّ أن يقع حالا من دون اعتبار أحد الأمرين أو صفة للقرية أو اليوم بتقدير العائد المصحّح للتوصيف بالجملة ، والمراد أنّه خرج إلى قرية يبيت إلى أهله في رجوعه منها أو إلى قرية مسيرة يوم يبيت فيه إلى أهله على الاحتمالات الثلاث في البيتوتة من إرادة الحقيقة والتمكّن والإرادة مع أولويّة الأوّل هنا لعدم وجوب المقارنة في الصفة بخلاف الحال أو استئناف بياني كأنّه قيل : أين يبات إذا خرج من أهله؟ فقيل : يبيت إلى أهله ، وهو قيد في المعنى وإن كان منقطعاً في اللفظ.
وعلى كلّ حال ، فقد أخذت البيتوتة إلى أهله في هذا السفر واعتبرت فيه فيكون شرطاً في تحقّقه ، وليس ذلك بمجرّد مفهوم الوصف بل به وبوقوعه في مقام
__________________
(١) الوافي : ج ٧ ص ١٧٨.