الليل أو (يترك ـ ظ) الاعتدال المأخوذ هناك ، وعلى التقديرين فالاختلاف حاصل بين الموضعين فلا يكون أحدهما تابعاً للآخر ، بل يكون كلّ منهما أصلا برأسه ومستقلاّ في محلّه ، فإن اكتفي في التنظير بمجرّد اشتراكهما في التحديد باليوم في الجملة وإن اختلف اليومان في الزمان أو بقدر المسير فلا حاجة في اعتباره وإلاّ فهذا وحده لا يكفي في صرف الحديث عن ظاهره من اعتبار الفعلية.
لا يقال : تعليل القصر يشغل اليوم بالفعل يقتضي أن يكون ذلك هو مناط القصر على الإطلاق لدلالته بالمفهوم على أنّ ما ليس شاغلا له بالفعل * وأنتم لا تقولون به ، فتعيّن أن يكون المراد صلاحيته لشغل اليوم حتّى يطّرد في الجميع ، لأنّ فهم ذلك في الحديث يتوقّف على المفهوم ، وقد يمنع العموم فيه بناءاً على أنّ مفهوم الموجبة الكلّية سالبة جزئيّة لا كلّية ، فيكون مقتضى المفهوم سلب العموم لا عموم السلب فلا يتوجّه ما ذكر من المحذور ، ولو سلّم فالواجب تخصيصه بما دلّ على الاكتفاء بالشاغل مطلقاً تحكيماً للمنطوق على المفهوم وللقاطع على الظاهر ، فيختصّ المفهوم بالسير الملفّق ولا إشكال.
(الثاني) أنّ الرجوع المأخوذ شرطاً في قوله (عليه السلام) «ورجع بريداً» مطلق غير مقيّد باليوم ، فيكون شغل اليوم المترتّب عليه في الجزاء هو مطلق الشاغل سواء كان بالفعل أو بالقوّة ، والمعنى أنّه إذا ذهب بريداً ورجع ليومه أو بعده بريداً فقد شغل يومه أي وجد منه ما يشغل اليوم وما من شأنه ذلك وإن لم يتحقّق الشغل بالفعل ، فإنّ شغل اليوم بالفعل مع تأخّر الرجوع عنه مستحيل قطعاً ، وتأويل الشرط بما يطابق الجزاء ليس أولى من العكس فإنّ كلاّ منهما موافقة للظاهر من وجه ومخالفة من وجه آخر ، فلا يصلح التمسّك به ما لم يعلم رجحان الأوّل ، وهو ممنوع.
وجوابه : أنّ الرجوع الواقع في الشرط وإن كان مطلقاً إلاّ أنّه يجب تقييده بما
__________________
* ـ هنا نقص ولعلّ الناقص قوله «لا يوجب القصر» أو نحو ذلك (مصحّحه).